وعلىٰ هذا الصعيد تتصدر في المنهاج الإسلامي ثلاثة عناوين بارزة ، وهي : صلة الأرحام ، وحقوق الجيران ، وحقوق المجتمع .
أولاً : صلة الأرحام
من السنن الالهية المودعة في فطرة الإنسان هي الارتباط الروحي والعاطفي بأرحامه وأقاربه ، وهي سُنّة ثابتة يكاد يتساوىٰ فيها أبناء البشر ، فالحب المودع في القلب هو العلقة الروحية المهيمنة علىٰ علاقات الإنسان بأقاربه ، وهو قد يتفاوت تبعا للقرب والبعد النسبي إلّا أنّه لا يتخلّف بالكلية .
ولقد راعىٰ الإسلام هذه الرابطة ، ودعا إلىٰ تعميقها في الواقع ، وتحويلها إلىٰ مَعلَم منظور ، وظاهرة واقعية تترجم فيه الرابطة الروحية إلىٰ حركة سلوكية وعمل ميداني .
فانظر كيف قرن تعالىٰ بين التقوىٰ وصلة الأرحام ، فقال : ( ... وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (١) .
وذكر صلة القربىٰ في سياق أوامره بالعدل والاحسان ، فقال : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٢) .
وبالاضافة إلىٰ الصلة الروحية دعا إلىٰ الصلة المادية ، وجعلها مصداقاً للبرّ، فقال تعالىٰ : ( ... وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ... آتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ
_______________
١) سورة النساء : ٤ / ١ .
٢) سورة النحل : ١٦ / ٩٠ .