فموقف الأمويين ، والعباسيين ، هو العداء ، وما دمنا نعرف ذلك فلا يخرج ما ورد من حكايات عن المختار ، عن دائرة العداء المطلق.
ومن الطبيعي أن يتّخذ هذا العداء أشكالاً شتّى منها : لصق التهم بالطرف المقابل ، واختلاق شتّى المعايب به. ولما كان كتبة التاريخ منقسمين بدورهم إلى طرفي النزاع يصبح من البديهي ، أن يختلقوا ما شاء لهم الخيال من وقائع ، وأحداث يصبّ كل منها في المجرى الذي يعنيه ، ولكوننا نعلم أن كتابة التاريخ والروايات التاريخية نشأت في أحضان الانحراف السياسي والأخلاقي والتربوي والديني لرموز السلطة ، فجاءت تلك الكتابة لإرضاء السلطة الذين سخّروا بدورهم أيادي قذرة كثيرة لتشوّه حقائق التاريخ ، والمعلوم أن التاريخ كان في بداياته يعتمد على الرواية الشفهية فقد ناله كثير من الوضع والاختلاق ، وحين ابتدأ التدوين كان الغالب على معظم المدوّنين جمع أكبر ما سمع من الروايات دون تمحيص ، هذا لو افترضنا فيه الإنصاف.
فالمادة الأولى للتاريخ هي ليست أكثر من خليط احتوى الكذب ، والحقيقة.
أما موقف الذين أعادوا كتابة التاريخ من المستشرقين ، وأشياعهم ، فيعتمد على أمور من المؤكّد أن تنتهي بهم إلى الإيغال في العداء ، والإساءة للإسلام ، والمسلمين بشكل عام ، وإن تستّروا بالمنهجية العصرية ، وبكونهم دعاة يبحثون عن الحقيقة التاريخية ، وموقفهم هذا واضح ، وعليه شواهد كثيرة لسنا بمقام تناولها هنا ، لأنّ ذلك الموضوع قد أخذ مكانه في كتابات كثيرة أبطلت ما ابتدعه المستشرقون وافتراه موظفو الدوائر اليهودية ، والرأسمالية ، والاستعمارية ونأتي الآن بذكر ما يعنينا ، وهو ما يتعلّق