ووقف يخطب بالناس ، فهاجم أهل الكوفة لغدرهم بالحسين عليهالسلام (١) ، وكان لكلماته رنّة السحر في نفوس العلويين وأهل الحجاز خاصة ، والساخطين على الحكم الأموي عامة ، فالتفّوا حوله ، وناصروه ورأوا فيه الزعيم الذي يأخذ بثار شهيدهم الحسين عليهالسلام ، ويقضي على الحكم الأموي ، ولما طلبوا منه أن يبايع لنفسه ، لم يجبهم إلى طلبهم كأنّما يريد أن يظهر للناس زهده في الخلافة (٢).
وقد ذكر خروج المختار من الكوفة إلى الحجاز ولقائه بابن الزبير ومبايعته له على شروط قبلها المختار للأسباب التالية :
أ ـ خوف ابن الزبير على السلطة التي لم يكن يحلم أن تؤول إليه بهذه السهولة.
ب ـ تخوّف ابن الزبير من المختار الذي أصبحت له منزلة عظيمة بين أشراف المسلمين ، وفي قلوب الشيعة بشكل خاص.
ج ـ أو ربما لاسترضاء عبد اللّه بن عمر بن الخطاب صهر المختار والذي كان ابن الزبير بأمسِّ الحاجة إلى كسب ودِّه.
ولمّا تبيّن لدى المختار ، أن ابن الزبير ليس بالرجل المؤتمَن الذي يتولّى تحقيق وتلبية مطالب الشيعة وطموحاتهم بالقضاء على الحكم الأموي والأخذ بثار الإمام الحسين عليهالسلام ، ومن ثم إقامة حكومة تلبّي مطالب عامة الناس من الفقراء ، والمعوزين ، وكان من بينهم الموالي الذين عانوا من الاضطهاد الأموي الكثير الكثير. لذلك فقد حزم المختار أمره وجاء إلى الكوفة
__________________
(١) انظر الخطبة في تاريخ الطبري ٤ : ٣٦٤.
(٢) المختار الثقفي / الخربوطلي ٤ : ٣٦٤ ، نقلاً عن الطبري.