كانت مأساة كربلاء لا تزال ماثلة في أذهان أهل الكوفة بالذات ، وكان كثير منهم يشعرون بالندم ، ويعتبرون أنفسهم مسؤولين عن دم الإمام الحسين عليهالسلام وآل بيته وأنصاره ، وباتوا يتطلّعون إلى الأخذ بثاره ، فأخذوا يبحثون عن زعيم يقودهم لتحقيق هذا الغرض.
فأدرك المختار هذه الحقيقة ، ورأى أن يكون هو ذلك الزعيم المنشود ، فقد ذكر المسعودي : « أنه بعد استقرار المختار في الكوفة ، راح يبكي على الطالبيين ، وشيعتهم ، ويحثّ على أخذ الثار لهم ، والمطالبة بدمائهم ، فمالت الشيعة إليه ، وصاروا من جملته لاحقا » (١).
إلاّ أنه لاحظ أن عدد الذين التفّوا حوله ، لا يمكنه بهم أن يحقِّق أهدافه مع انضمام الكثير إلى حركة التوابين التي قادها سليمان بن صرد الخزاعي (٢) ، وأربعة من كبار زعماء الكوفة ، وهم : المسيب بن نجبة (٣) الفزاري ، وعبد اللّه ابن سعد بن نفل الأزدي ، وعبد اللّه بن وائل التميمي ، ورفاعة بن شدّاد البجلي ، الذين هيَّأوا مستلزمات الثورة من جمع الأسلحة واستمالة الناس ، كما واتفقوا على أن يعقدوا لقاءات دورية لتقويم النشاطات التي قاموا بها ،
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٢١.
(٢) وكان اسمه في الجاهلية (يسار). سماه رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سليمان وكان خيرا فاضلاً ، له دين وعبادة ، وشرف وقدر في قومه. شهد صفين مع الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وكان ممن كتب إلى الإمام الحسين عليهالسلام ، يسأله القدوم إلى الكوفة ، فلما قدمها ترك القتال معه ضد المعتدين ، ثم ندم على ذلك ، وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن الإمام علي عليهالسلام.
انظر الاستيعاب بهامش الاصابة ٢ : ٦٣ ، والاصابة / ابن حجر ٢ : ٧٦.
(٣) ورد في البداية والنهاية / ابن نجية ٨ : ٢٤٧. أدرك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشهد القادسية وفتح العراق. فيما ذكر ابن سعد ، أنه كان مع الإمام علي عليهالسلام ، في مشاهده.