عليك » (١).
فكتب إليهما ابن عمر : « أما بعد فقد علمتما الذي بيني وبين المختار من الصهر ، والذي بيني وبينكما من الودّ ، فأقسمت عليكما لما خلّيتما سبيله ، حين تنظران في كتابي هذا والسلام عليكما ، ورحمة اللّه وبركاته » (٢).
فلما قرءا الكتاب ، طلبا من المختار كفلاء فأتاهم بجماعة من أشراف الكوفة ، فاختار منهم عشرة ضمنوه ، وحلفوه أن لا يخرج عليهما ، فإن هو خرج فعليه ألف بدنة ينحرها لدى رتاج الكعبة ، ومماليكه كلهم أحرار. فخرج وجاء داره.
قال حميد بن مسلم ، سمعت المختار يقول : « قاتلهم اللّه ما أجهلهم ، وأحمقهم حيث يرون أني أفي لهم بايمانهم هذه. أما حلفي باللّه فإنّه ينبغي إذا حلفت يمينا ، ورأيت ما هو أولى منها أن أتركها ، وأعمل الأولى ، وأكفر عن يميني ، وخروجي خير من كفيّ عنهم ، وأما هدي ألف بدنة فهو أهون علي من بصقة ، فوددت أن يتمّ لي أمري ولا أملك بعده مملوكا أبدا (٣).
ويبدو لنا ، أن المختار كان قد حلف على أساس من التقوى ، وهو مضطر معتمدا على فحوى قوله تعالى : (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الاْءَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّه لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
__________________
(١) الطبري ٦ : ٨.
(٢) الطبري ٦ : ٨.
(٣) الطبري ٦ : ٩.