تَشْكُرُونَ» (١) وهنا يجب أن نلتفت إلى أمرين ، هما :
الأمر الأول : أنّ المختار كان متعطّشا لملاقاة قتلة الإمام الحسين عليهالسلام ، خاصة وأنّه قد أحسّ بأنّهم أمنوا الطلب ، وأن الناس قد هرمت قلوبهم ، وقد استسلموا للكسل في طلب ثار آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليه فقد أراد أن يكسب وقتا ليحرّك فيه الناس ويدبر دوافع الثورة والثأر.
الأمر الثاني : استهانة المختار بملك الدنيا ، والمتمثل بالمال والعبيد الذين كان يملكهم.
على أية حال ، استقرالمختار في داره ، واختلف إليه الناس ، واجتمعت عليه ، واتفقوا على الرضا به ، وكان قد بويع له وهو في السجن ولم يزالوا يكثرون ، وأمرهم يقوى ويشتد. وقد أدرك عبد اللّه بن الزبير في هذا الوقت خطر المختار وحركته ، فعيّن واليا جديدا على الكوفة هو عبد اللّه بن مطيع. الذي قدمها في ٢٧ رمضان سنة ٦٥ (٦ مايس سنة ٦٨٥م) وقد مكن قدوم هذا الوالي الجديد ، المختار من العمل بحرية أكثر ، إذ لم تكن بينهما أية ارتباطات أو عهود (٢).
وفي خطبته الأولى أخبر ابن مطيع أهل الكوفة بأنّه سيسير معهم بسيرة عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وحذّرهم من الفرقة وإثارة المتاعب (٣).
وعلى الرغم من ذلك فقد عارض الكوفيون هذا الوالي علنا ، حتى أجبروه على التراجع فأعلن في النهاية أنه سيتّبع السياسة التي تعجبهم (٤).
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٨٩.
(٢) الخلافة الأموية / د. عبد الأمير دكسن : ٧٠.
(٣) الطبري ٦ : ١٠.
(٤) الطبري ٦ : ١١.