التواضع والرحمة ، واللين ، وشديد ، وصلب عنيف في المواقف الصعبة ، ولا ينقص من قدر المختار ، أو يناله بسوء ما ذهب إليه ، وروّجه بعض كتبة التاريخ والسير الدائرين في فلك الأفق المعادي لأهل البيت عليهمالسلام من أن المختار كان يهدف إلى غاياته الخاصة ، حيث يطمح بالاستحواذ على الكوفة والسلطة ، غير أن الحقيقة عكس ذلك. لأنّ وجهته كانت للّه ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولآله عليهمالسلام ، واستشهاده في سبيل ذلك خير دليل ، وشهادة متينة على ما نقول.
وبعد أن استقرّ الوضع للمختار ، رحّب إبراهيم بالزعيم الجديد ترحيبا حارا افتتح المختار معه الكلام : « إنَّ اللّه أكرمك وأباك في موالاة بني هاشم ونصرتهم ومعرفة فضلهم وما أوجب اللّه من حقهم ـ ثم قال ـ وهذا كتاب محمد بن علي وهو خير أهل الأرض اليوم وابن خير أهل الأرض كلها قبل اليوم بعد أنبياء اللّه ورسله يأمرك أن تنصرنا وتؤازرنا ، فإن فعلت اغتبطت ، وإن امتنعت فهذا الكتاب حجّة عليك ، وسيغني اللّه محمدا وأهل بيته عنك ».
يقول الشعبي وهو من رواة الشجرة الملعونة : «وكان المختار قد دفع إليّ كتابا مختوما حين خرجنا إلى المنزل فلما فرغ من كلامه هذا ، قال : ادفع الكتاب إلى إبراهيم ، فدفعه إليه ففضّه وقرأه فإذا فيه :
بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر. سلام عليك فإني أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلاّ هو.
أما بعد فإني قد بعثت إليكم وزيري وأميني الذي ارتضيته لنفسي بقتال عدوي والطلب بدماء أهل بيتي ، فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن أطاعك فإنّك إن نصرتني وأجبت دعوتي ، كانت لك بذلك عندي فضيلة ، ولك أعنَّة الخيل وكل جيش غازٍ وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة