فقال له : « إنّ المختار خارج عليك لا محالة ، فخذ حذرك ، ثم خرج إياس مع الحرس ، وبعث ولده راشد إلى الكناسة (١) وجاء هو إلى السوق ، وأنفذ ابن مطيع إلى الجبايات ، بالرجال يحرسها من أهل الريبة.
تقدم قائد المختار الكبير إبراهيم على رأس فرقة من مائة جندي مسلح ، والتقى في طريقه بإياس بن مضارب رئيس الشرطة ، وقام صدام مسلح بين الفريقين انتهى بمصرع إياس.
وأقبل إبراهيم إلى المختار ، وعرفه ذلك فاستبشر وتفاءل بالنصر ، والظفر ، ثم أمر بإشعال النار في هرادي القصب ، وبالنداء :
« يا لثارات الحسين » ، ولبس درعه ، وسلاحه ، وهو يقول :
قد علمت بيضاء حسناء الطلل |
|
واضحة الخدين عجزاء الكفل |
أني غداة الروع مقدام بطل |
|
لا عاجز فيها ولا وغد فشل |
فأقبل الناس من كل ناحية وجاء عبيد اللّه بن الحر الجعفي في قومه ، وتقاتلوا ، قتالاً عظيما ، فانهزم الناس ومن كان في الطريق ، والجبانات من أصحاب السلاح ، وتفرّقوا في الأزقة خوفا من إبراهيم ، وأشار شبث بن ربعي على الأمير ابن مطيع بالقتال ، فعلم المختار ، فخرج مع أصحابه حتى نزل (دير هند) ، مما يلي بستان زائدة في السبخة ، ثم جاء أبو عثمان النهدي في جماعة من أصحابه إلى الكوفة ونادوا « يا لثارات الحسين » ، « يا منصور أمت » وهذه علامة بينهم ، يا أيها الحيُّ المهتدون ، ألا إن أمين آل محمد ، قد خرج فنزل (دير هند) ، وبعثني إليكم داعيا ، ومبشرا ، فاخرجوا إليه
__________________
(١) مكان خارج الكوفة ، يتخذ سوقا ، للمباريات الأدبية وكان يشبه في ذلك مربد البصرة حاليا.