عدم أول وجود الطبيعة يستلزم عدم سائر الوجودات ، في مقام بيان عدم كون العدم المطلق نقيض أول الوجود وبديله. فلم لم يحمل كلام الكفاية على طلب عدم أول وجود الطبيعة الّذي قربناه بتصوير المفسدة في أول الوجود؟. فالتفت ولا تغفل.
وأما المحقق النائيني قدسسره ، فلم يتصور في كلامه لما يشترك مع ما فرضه صاحب الكفاية في اللازم ـ وهو عدم تحقق الامتثال بتحقق الفعل دفعة واحدة ـ ، سوى طلب الترك بنحو العموم المجموعي وجعله مجرى البراءة مع الشك في المصداق ، لدوران الأمر بين الأقل والأكثر ، وطلب العنوان الانتزاعي عن مجموع التروك الّذي عبر عنه بالموجبة المعدولة المحمول ، كقوله : « كن لا شارب الخمر » فانه لا يتحقق إلا بمجموع التروك ، فلو شرب الخمر ولو دفعة لم يتحقق هذا العنوان ، وهو عنوان : « لا شارب الخمر » أو : « تارك شرب الخمر » ، وقد جعل مورد الشك في المصداق هاهنا مجرى الاشتغال ، لأن مجموع التروك الخارجية محصّل للعنوان البسيط المطلوب ، فالشك في المصداق يرجع إلى الشك في المحصّل بدونه وهو مجرى الاشتغال (١).
وقد عرفت إمكان كتصوير كلام الكفاية بما لا يرجع إلى أحد هذين الوجهين ، فذلك غفلة عن تعلق الطلب بترك أول الوجود. فلاحظ.
هذا كله فيما يرتبط بالموضوع الّذي يريده صاحب الكفاية ، والّذي بيّن لازمه بلا أن يتعرض لتصويره.
ويقع الكلام في الحكم من حيث جريان البراءة والاشتغال مع الشك في المصداق. فنقول : في الصورة التي صورنا بها مراد الكفاية وهو تعلق الطلب بترك أول الوجود الملازم لترك سائر الوجودات. إذا شك في شيء أنه خمر أولا ـ مثلا
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٣٩٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.