وأما الصورة الثالثة ، فيتحقق الامتثال بترك أحد الوجودات ولو جاء بالباقي لصدق ترك المجموع ، لأن المجموع لا يتحقق إذا لم يتحقق أحد الوجودات لأنه جزؤه ، ولا يتحقق العصيان إلا بإتيان جميع الوجودات ، فليس له إلا إطاعة واحدة وعصيان واحد لكنه يختلف عن الصورة الأولى.
ولا يخفى أنه يمكن ان يكون منظور الكفاية هو الصورة الأولى للنهي ، لما عرفت فيما من ان الإتيان بالفعل ولو دفعة موجب لعدم تحقق الامتثال ، في قبال الصورة الثانية التي ذكرها في كلامه.
وللمحقق الأصفهاني قدسسره في المقام تعليقة طويلة تعرض فيها إلى بحث اصطلاحي ببيان المراد من صرف الوجود ، وأنه الوجود الجامع بين وجودات طبيعة خاصة بنهج الوحدة في الكثرة ، فهو الطبيعي الّذي لا يشذ عنه وجود.
كما تعرض للبحث عن طلب الترك الناشئ عن مصلحة فيه ، ثم بعد أن بحث في ذلك مفصلا حمل كلام الكفاية على ما إذا انبعث طلب الترك عن مصلحة واحدة في طبيعي الترك بحده أو مجموع التروك ، فالمطلوب إما مجموع التروك أو صرف الترك ، وهو الطبيعي الّذي لا يشذ عنه ترك (١).
أقول : لا يهمنا البحث الاصطلاحي.
كما أنه لا نوجّه عليه إشكال عدم المناسبة للتعرض إلى البحث عن المصلحة الوجوبية ، وانه استطراد ، إذ التعرض إليه لا يخلو من فائدة.
إنما الّذي نؤاخذه به هو حمله كلام الكفاية على ما عرفت من موارد الوجوب ، مع أن كلام الكفاية في النهي المتعلق بالفعل. وقد عرفت انه ينطبق على الصورة الأولى من الصور التي ذكرناها. وقد صرّح قدسسره في كلامه : بان
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٢٨ ـ الطبعة الأولى.