نصرنا فألزم نفسه الصبر فقعدوا (١) وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكرهم إلهي ، فأنزل لله تعالى : « ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر على ما يقولون » فصبر صلىاللهعليهوآله في جميع أحواله ، ثم بشر في الائمة من عترته ووصفوا بالصبر فقال : « وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون » فعند ذلك قال صلىاللهعليهوآله : « الصبر من الايمان كالرأس من البدن » فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه : « وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون » فقال : آية بشرى وانتقام ، فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا ، فقتلهم على يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأحبائه ، وعجل له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة.
وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : « وإن كان كبر عليك إعراضهم » قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحب إسلام الحارث بن عامر بن نوفل بن بد مناف دعاه رسول الله صلىاللهعليهوآله وجهد به أن يسلم ، فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على سول الله فأنزل الله تعالى : « وإن كان كبر عيك إعراضهم » إلى قوله : « نفقا في الارض » يقول : سربا قال علي بن إبراهيم في قوله : « نفقا في الارض أو سلما في السماء » : قال : إن قدرت أن تحفر الارض أو تصعد السماء ، أي لا تقدر على ذلك ، ثم قال : « ولو شاء الله لجمعهم على الهدى » أي جعلهم كلهم مؤمنين.
وقوله : « فلا تكونن من الجاهلين » مخاطبة للنبي صلىاللهعليهوآله والمعنى للناس ، ثم قال « إنما يستجيب الذين يسمعون » يعني يعقلون ويصدقون « والموتى يبعثهم الله » أي يصدقون بأن الموتى يبعثهم الله « وقالوا لولا نزل عليه آية » أي هلا نزل عليه آية قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعملون قال : لا يعلمون أن الآية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها لهلكوا ( يهلكوا خ ل ).
____________________
(١) في نسخة : فتعدوا.