أخبرني يا محمد : الولد يكون من الرجل أو من المرأة؟ فقال النبي (ص) : أما العظام و العصب والعروق فمن الرجل ، وأما اللحم والدم والشعر فمن المرأة ، قال : صدقت يا محمد ، ثم قال : يا محمد فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شئ ويشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شئ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له ، قال : صدقت يامحمد ، فأخبرني عمن لا يولد له ومن يولد له؟ فقال : إذا مغرت النطفة (١) لم يولد له أي إذا احمرت وكدرت وإذا كانت صافية ولد له ، فقال : أخبرني عن ربك ماهو؟ فنزلت قل هو الله أحد إلى آخرها ، فقال ابن صوريا صدقت يا محمد ، بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك واتبعتك : أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟ قال : جبرئيل ، قال ابن صوريا : كان ذلك عدونا من بين الملائكة ، ينزل بالقتل والشدة والحرب ، ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء ، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك ، لان ميكائيل كان يشد ملكنا ، وجبرئيل كان يهلك ملكنا فهو عدونا لذلك.
فقال له سلمان الفارسي : فما بدؤ عداوته لك؟ (٢) قال : نعم يا سلمان عادانا مرارا كثيرة ، وكان من أشد ذلك علينا أن الله أنزل على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له : بخت نصر وفي زمانه ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، (٣) والله يحدث الامر بعد الامر فيمحو ما يشاء ويثبت ، فلما بلغنا ذلك الحين (٤) الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم نبيا كان يعد من أنبيائهم يقال له دانيال في طلب بخت نصر ليقتلة ، فحمل معه وقر (٥) مال لينفقه في ذلك ، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة (٦) فأخذه
____________________
(١) مغر الثوب : صبغه بالمغرة ، وهي لون الحمرة ليس بناصع.
(٢) في المصدر : فما بدؤ عداوته لكم.
(٣) وفى نسخة : أخبرنا بالخبر الذى يخرب به.
(٤) : فلما بلغنا ذلك الخبر.
(٥) الوقر بالكسر : الحمل الثقيل.
(٦) المنعة : القوة التى تمنع من يريد أحدا بسوء.