مقومة لذلك الكون العارض ، ومنوعة له ، فيكون نوعا من مقولة الأين ، له نسبه خاصة إلى المكان ، وليس لهذا النوع من العرض كون استعلائي على ذلك المستعلى عليه ، بل هو عين الكون الاستعلائي للغير ، فثبوت الفعل على المكلف الذي هو عين وجوبه عليه وان كان حينئذ متقوما اعتبارا بما ينوعه ويجعله نوعا خاصا من العرض الاعتباري ، لكنه ليس له كون استعلائي بالاعتبار ، بل هو عين الكون الاستعلائي للفعل بالاعتبار.
إلا أن الفعل الذي يتعلق به التكليف حيث إنه في مرتبة تعلق التكليف مقوّم للتكليف وثابت بنحو ثبوته. فالفعل في مرتبة الارادة ، وهي الشوق الأكيد النفساني مقوم للارادة ، حيث إن الشوق المطلق لا يوجد ، ويستحيل أن يكون موجود فعلي مقوما لفعلي آخر ومشخصا له ، لاستحالة اتحاد الفعليين.
فلا محالة يكون ثبوت الفعل في مرتبة الشوق بثبوت شوقي ، وفي مرتبة البعث الاعتباري كذلك ثابتا بنحو ثبوت البعث.
فالثابت بالحقيقة هو الشوق ، أو البعث ، فهو المجعول والموضوع على المكلف ، والفعل مجعول بجعله ، وموضوع بوضعه ، فهو مرفوع برفعه.
ولذا لا ريب في صحة نسبة الوضع إلى نفس التكليف ، كما فيما سيجيء إن شاء الله تعالى من حيث الحجب ، فان المحجب علمه الموضوع عن المكلف ليس إلاّ التكليف ، فهو الموضوع عليه إذا كان غير محجوب ، فتدبره ، فانه حقيق به.
ومما ذكرنا تبين أنه لا مانع من تعلق الرفع بنفس الحكم ، لا من حيث تعلقه بالأمر الثقيل ، ولا من حيث كونه بديلا للوضع ، بل قد عرفت أنه لا بد أن يتعلق في الحقيقة ، وبلا عناية بنفس الحكم ، وسيجيء إن شاء الله تعالى بقية