[ الاستدلال بحديث السعة على البراءة في الشبهات الحكمية ]
٢٠ ـ قوله (قدّس سره) : فانه يقال لم يعلم الوجوب أو الحرمة (١) ... الخ.
بيانه أن إيجاب الاحتياط : إن كان نفسيا ـ بأن كان فعل محتمل الوجوب ـ بما هو محتمل الوجوب ـ واجبا حقيقة ، لمصلحة فيه بهذا العنوان ، أو كان فعل محتمل الحرمة ـ بما هو ـ حراما حقيقة ، لمفسدة فيه بهذا العنوان ـ فالتكليف الواقعي ، وإن كان مما لم يعلم ، إلا أن التكليف الفعلي بعنوان آخر معلوم ، فاذا علم ـ ولو بعنوان من العناوين الطارية ـ خرج عن كونه من ( ما لا يعلمون ) فيكون دليل الاحتياط الموجب للعلم بالتكليف بعنوان آخر رافعا لموضوع دليل البراءة حقيقة.
وإن كان إيجاب الاحتياط طريقيا ، أي إنشاء بداعي تنجيز الواقع باحتماله ، فالواقع على حاله مما لم يعلم ، وكما أن دليل الاحتياط منجّز للواقع المحتمل ، كذلك دليل البراءة معذّر عن الواقع المحتمل ، فيتعارضان.
ويمكن أن يقال : أمّا إن كان الاحتياط واجبا نفسيا ، فوروده مبنيّ على ظهور ( ما لا يعلمون ) في دليل البراءة في الأعم على ما تقدم.
مع أن ظاهره أنهم في سعة من التكليف الذي لا يعلمونه ، لا في سعة مما لا يعلمونه ولا يعلمون حكم ما لا يعلمونه.
وبالجملة : فرق بين التعميم من حيث العناوين الذاتية والعرضية ، وبين
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٤٢.