[ الاستدلال بالكتاب على البراءة في الشبهات الحكمية ]
٤ ـ قوله (قدس سره) : وفيه أن نفي التعذيب قبل إتمام (١) ... الخ.
يمكن أن يقال : إن الآيات والروايات الدالة على الثواب والعقاب ظاهرة في الاقتضاء ، لا الفعلية ، فكذلك ما دل على النفي ظاهر في الاقتضاء بقرينة المقابلة. كما أن الأمر كذلك في جميع القضايا الواردة في بيان الخواص والآثار ، فقولهم السم قاتل ، والسنا مسهل ، والنار محرقة ، وأشباه ذلك كلها في مقام إفادة الاقتضاء ، والحكم بثبوت محمولاتها لموضوعاتها اقتضاء لا فعلا ، فيكون دليلا على الاستحقاق وعلى عدم الاستحقاق في مثل ما نحن فيه.
لا يقال : لا منّة في رفع العذاب مع عدم الاستحقاق.
لأنّا نقول : اولا : لم يعلم أن الآية في مقام إظهار المنة ، بل لعلها في مقام إظهار العدل وأنه تعالى لا يظلم أحدا مثقال ذرة.
وثانيا : أن جعل العقاب إذا كان من الشارع ، فعدم جعله بعدم جعل الاحتمال منجزا فيه كمال المنة.
والتحقيق : أن ظاهر القضية الحكم بثبوت المحمول للموضوع فعلا ، وإنما نقول بكون القضايا المثبتة للخواص والآثار اقتضائية لا فعلية ، إذ قلما يوجد في العالم ما يكون علة تامة لثبوت شيء ، بل لا محالة له شرط أو مانع ، ولو من حيث قبول القابل ، وإن فرض أن الفاعل تام الفاعلية بخلاف طرف النفي ، فان العدم فعلي على أي حال سواء كان بعدم مقتضيه ، أو بعدم شرطه
__________________
(١) كفاية الأصول / ٣٣٩.