فكذا فيما نحن فيه ، فان الحكم الذي أمر حججه عليهم السلام بتبليغه للعباد فقد عرفه لهم وإنما حجبه غيره.
والتحقيق : أن الأمر كذلك في عدم الاسناد إليه تعالى لتلك النكتة إذا كان الحجب بعد البيان باخفاء الظالمين.
ولا موجب لحصره فيه ، مع كون المبحوث عنه أعم مما فقد فيه النص وما أجمل فيه النص ، وما تعارض فيه النصان ، بل لا يكاد يشك في أن عدم بيان حكم شرب التتن وأمثاله لعدم الابتلاء به في أزمنة الحضور. فلم يكن موقع للسؤال ، والجواب.
إلا أن يراد من إخفاء الظالمين سد باب الامامة والولاية ، وإلا لوصل الينا جميع الأحكام.
فان قلت : ظهور الوضع المساوق للرفع في رفع ما كان ثابتا عليهم قرينة على أن المراد حجب ما أمر الحجة بتبليغه ، فانه الثابت عليهم ، فالثبوت في نفسه لا يناسب الرفع ، بل الثبوت عليهم ، ولا يكون ثابتا عليهم إلا بعد التبليغ والتعريف.
قلت : ليس الوضع بمعنى الرفع ، بل الوضع بمعنى الجعل والاثبات :
فان تعدى بحرف الاستعلاء كان المراد منه جعل شيء على شيء وإثباته عليه.
وإن تعدى بحرف المجاوزة كان المراد صرفه عنه إلى جانب.
فقد يكون ثابتا حقيقة ، فصرفه عنه يكون مساوقا للرفع.
وقد لا يكون ثابتا بل مقتضيه ثابت ، فيتمحض في الصرف والجعل عنه إلى جانب ، فاذا كان مقتضي جعل الحكم مقتضيا لاثباته على العباد ، ولكن مصلحة التسهيل أو مصلحة أخرى منعت من أمره بتبليغه وتعريفه ، فقد صرف عنهم ، وجعل عنهم الى جانب.