وكان نور رسول الله صلىاللهعليهوآله في وجهه ، إذا أقبل تضئ منه الكعبة ، وتكتسي من نور نرا شعشانيا ، ويرتفع من وجهه نور إلى السماء ، وخرج من بطن امه عاتكة بنت مره ، بنت فالج (١) بن ذكون ، وله ضفيرتان كضفيرتي إسماعيل عليهالسلام ، يتوقد نورهما إلى السماء ، فعجب أهل مكة من ذلك ، وسارت إليه قبائل العرب من كل جانب ، وماجت (٢)
منه الكهان ، ونطقت الاصنام بفضل النبي المختار ، وكان هاشم لا يمر بحجر ولا مدر إلا ويناديه ابشر يا هاشم فإنه سيظهر من ذريتك أكرم الخلق على الله تعالى ، و أشرف العالمين محمد خاتم النبيين ، وكان هاشم إذا مشى في الظلام أنارت منه الحنادس (٣) ويرى من حوله كما يرى من ضوء المصباح ، فلما حضرت عبد مناف الوفاة أخذ العهد على هاشم أن يودع نور رسول الله صلىاللهعليهوآله في الارحام الزكية من النساء ، فقبل هاشم
العهد وألزمه نفسه ، وجعلت الملوك تتطاول إلى هاشم ليتزوج منهم ويبذلون إليه الاموال الجزيلة (٥) ، وهو يأبى عليهم ، وكان كل يوم يأتي الكعبة ويطوف بها سبعا ، ويتعلق بأستارها ، وكان هاشم إذا قصده قاصد أكرمه ، وكان يكسو العريان ، ويطعم الجائع ، و يفرج عن المعسر ، ويوفي عن المديون ، ومن اصيب بدم دفع عنه (٦) ، وكان بابه لا يغلق عن صادر ولا وارد ، وإذا أولم وليمة أو اصطنع طعاما لاحد وفضل منه شئ يأمر به أن يلقى إلى الوحش (٧) والطيور حتى تحدثوا به وبجوده في الآفاق ، وسوده (٨) أهل مكة بأجمعهم وشرفوه وعظموه ، وسلموا إليه مفاتيح الكعبة والسقاية والحجابة والرفادة
_________________
(١) في المصدر : عالج. وفي اليعقوبى : فالج كما في المتن.
(٢) أى اختلفت امورهم واضطربت.
(٣) الحنادس جمع الحندس : الظلمة.
(٤) في المصدر : أخذ العهد والميثاق على أنه لا يودع نور رسول الله صلىاللهعليهوآله الا في الارحام اكزكية من اكرم الناس.
(٥) في المصدر : ويبذلون له الجزيل من الاموال.
(٦) في المصدر : ومن اصيب بذنب رفع عنه ذنبه.
(٧) في المصدر : الوحوش.
(٨) أى جعلوه سيدا.