قد رغبت في هذا الرجل أكثر من رغبته (١) فينا ، غير أني اخبركم أن أمري دون أمرها (٢) ، وها أنا أسير معكم إليها ، فانزلوا يا خير زوار ، ويا فخر بني نزار ، قال : فنزل هاشم وأخوه وأصحابه وحطوا رحالهم ومتاعهم ، وسبق أبوها عمر وإلى قومه ، ونحر لهم النحاير ، وعقر لهم العقاير ، وأصلح لهم الطعام ، وخرجت لهم العبيد بالجفان ، فأكلت القوم منه حسب الحاجة ، ولم يبق من أهل يثرب أحد إلا خرج ينظر إلى هاشم ونور وجهه ، وخرج الاوس والخزرج والناس متعجبن من ذلك النور ، وخرج اليهود ، فلما نظروا إليه عرفوه بالصفة التي وجدوها في التوراة والعلامات ، فعظم ذلك عليهم ، وبكوا بكاء شديدا ، فقال بعض اليهود لحبر من أحبارهم : ما بكاءكم؟ قال : من هذا الرجل الذي يظهر منه سفك دمائكم (٣) وقد جاءكم السفاك القتال الذي تقاتل معه الاملاك المعروف في كتبكم بالماحي ، وهذه أنواره قد ابتدرت ، قال : فبكى اليهود من قوله ، وقالوا له : يا ابانا فهل هذا الذي ذكرت نصل إلى قتله ، ونكفي شره؟ فقال لهم : هيهات حيل بينكم وبين ما تشتهون ، وعجزتم عما تأملون ، إن هذا هو المولود الذي ذكرت لكم ، تقاتل معه الاملاك من الهواء ، ويخاطب من السماء ، ويقول : قال جبرئيل عن رب السماء (٤) ، فقالوا : هذا تكون له هذه المنزلة؟ قال : أعز (٥) من الولد عند الوالد ، فإنه أكرم أهل الارض على الله تعالى ، وأكرم أهل السماوات ، فقالوا : أيها السيد الكريم نحن نسعى في إطفاء ضوء هذا المصباح قبل أن يتمكن ويحدث علينا منه كل مكروه ، وأضمر القوم لهاشم العداوة ، وكان بدء عداوة اليهود من ذلك اليوم لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلما أصبح هاشم أمر أصحابه أن يلبسوا أفخرج أثوابهم ، وأن يظهروا
_________________
(١) في المصدر : رغبتكم.
(٢) في المصدر : إن أمر هادون أمرى ولعله مصحف.
(٣) في المصدر : قال : من هذا الرجل الذى يظهر ما يكون منه خراب دياركم ، وقد جاءكم (٤) زاد في المصدر : وامرت ونهيت.
(٥) في المصدر : فقالوا : هذا يكون بمنزلة الولد فانه اكرم أهل الارض اه. ولعل فيه سقط وصوابه : فقالوا : هذا يكون بمنزلة الولد؟ قال : أعز من الولد عند الوالد ، فانه أكرم أهل الارض إه.