زينتهم ، فلبسوا ما كان عندهم من الثياب ، وما قد أعدوه للزينة والجمال ، وأظهروا التيجان والجواشن والدروع والبيض ، فأقبلوا يريدون سوق بني قينقاع وقد شدوا لواء نزار على قناة ، وأحاطوا بهاشم عن يمينه وشماله ، ومشى قدامه العبيد وابوسلمى معهم وأكابر قومه ، ومعهم جماعة من اليهود ، فلما أشرفوا على السوق وكان تجتمع إليه الناس من أقاصي البلاد وأطارها (١) وأهل الحضر وسكانها ، فنظر القوم إلى هاشم وأصحابه وتركوا معاشهم (٢) وأقبلوا ينظرون إلى هاشم ويتعجبون من حسنه وجماله ، وكان هاشم بين أصحابه كالبدر المنير بن الكواكب ، وعليه الكسنية والوقار ، فأن هل بجماله أهل السوق ، وجعلوا ينظرون إلى النور الذي بين عينيه ، وكانت سلمى بنت عمرو وواقفة مع الناس تنظر إلى هاشم وحسنه وجماله وما عليه من الهيبة والوقار ، إذ أقبل عليها أبوها وقال لها : يا سلمى ابشرك بما يسرك ولا يضرك ، وكانت معجبة بنفسها من حسنها وجمالها ، فلما نظرت إلى هاشم وجماله نسيت حسنها وجمالها (٣) ، وقالت : يا أبت بما تبشرني؟ قال : إن هذا الرجل ، إليك خاطب ، وفيك راغب ، وهو يا سلمى من أهل الكفاف والعفاف والجود والاضياف هاشم بن عبدمناف ، وإنه لم يخرج من الحرم لغير ذلك ، فلما سمعت سلمى كلام أبيها أعرضت عنه بوجهها وأدركها الحياء منه فأمسكت عن الكلام ، ثم قالت : يا أبت إن النساء يفتخرون على الرجال بالحسن والجمال والقدر والكمال ، وإذا كان زوج المرأة سيدا من سادات العرب وكان مليح المنظر والمخبر فما أقول لك ، وقد عرفت ما جرى بينى وبين احيحة بن الجلاح (٤) الاوسي وحيلتي عليه حتى خلعت نفسى منه لما علمت أنه لم يكن من الكرام ، وإن هذا الرجل يدل عظمته ونور وجهه على مروته ، وإحسانه يدل على فخره ، فإن يكن القوم كما ذكرت قد خطبونا ورغبوا فينا فإنى فيهم راغبة ،
_________________
(١) أقفارها خ ل.
(٢) في المصدر : فلما أشرف هاشم على السوق وأصحابه ، ونظروا إلى هاشم وأصحابه تركوا معاشهم.
(٣) في المصدر : نسيت نفسها وانحقرت.
(٤) في المصدر : الحلاج.