ولكن لابد أن أطلب منهم المهر (١) ، ولا اصغر نفسي (٢) ، وسيكون لنا ولهم خطاب وجواب ، وان القول منها لحال أبيها لانها لم تصدق بذلك ، حتى نزلت هاشم قريبا من السوق واعتزل ناحية عنه ، فأقبل أهل السوق إليه مسرعين ينظرون إلى نوره حتى ضاع كثير من متاعهم ومعاشهم من نظر هم إليه ، وقد نصبت له خيمة من الحرير الاحمر ، و وضعت له سرادقات (٣) ، فلما دخل هاشم وأصحابه الخيمة تفرق أهل السوق عنهم ، و جعل يسأل بعضهم بعضا عن أمرهاشم وقومه ، وما أقدمهم عليه (٤) من مكة ، فقيل : إنه جاء خاطبا لسلمى فحدسوها عليه ، وكانت أجمل أهل زمانها وأكملهم حسنا وجمالا ، وكانت جارية تامة معتدلة ، لها منظر ومخبر (٥) ، كاملة الاوصاف ، معتلة الاطراف (٦) ، سريعة الجواب ، حسنة الآداب ، عاقلة طريفة عفيفة لبيبة ، طاهرة من الادناس ، فحسدوها كلهم على هاشم حتى حسدها إبليس لعنه الله وكان قد تصور لها في صورة شيخ كبير (٧) وقال : يا سلمى أنا من أصحاب هاشم قد جئتك ناصحا لك (٨) ، اعلمي أن لصاحبنا هذا من الحسن والجمال ما رأيت إلا أنه رجل ملول للنسا ، لا تقيم المرأة عنده أكثر من شهرين إذا أراد ، وإلا فعشرة أيام لا غير ، وقد تزوج نساء كثيرة ، ومع ذلك إنه جبان في الحروب ، فقالت سلمى : إليك عني ،
_________________
(١) زاد في المصدر : ما نستحقه.
(٢) في نسخة وفي المصدر : ولا اصغر حالى.
(٣) في المصدر : وكان القوم منهم مصحف منها تجملا ومحالا لا بيها ، لانها لم تصدق بذلك حتى سمعت صحة الكلام ، فلما نزل هاشم قريبا من السوق واعتزل بناحية منه أقبلوا أهل السوق و اصحابه كلهم مسرعين لينظرون اليه. قال أبوالحسن البكرى : ( وقد بلغنى أنه ضاع كثير من معايشهم حتى اشتغل بالنظر إلى هاشم ، قال : وضرب له خيمة من الخز الاحمر ، ونصبت له سرادقات ).
(٤) في المصدر : وجعلوا يسألون بعضهم بعضا. وفيه : وما أقدمهم عليهم.
(٥) الخبر : العلم بالشئ او إدراكه بالبر أو الاختيار لا بالنظر ، خلاف النظر.
(٦) الاعطاف خ ل وفي المصدر : تامة ، كاملة العقل ، وكاملة الاوصاف وسريعة الجواب و فيه : ظريفه.
(٧) زاد في المصدر : ذى هيبة وحلية حسنة.
(٨) في المصدر : قد جئتك بخبره وهى نصيحة منى إليك ، اعلمى.