فجمع الله بينهما في الطريق ، فوقع في قلبها أمر عظيم من محبته ، وكان في ذلك الزمان لا تستحي النساء من الرجال ، ولا يضرب بينهن (١) حجاب إلى أن بعث محمد صلىاللهعليهوآله ، ونزل طائفة من اليهود من جهة خيمه هاشم ، ولما اجتمعت سلمى بهاشم عرفته بالنور الذي في وجهه ، وعرفها أيضا هو ، فال له : يا هاشم قد أحببتك (٢) وأردتك ، فإذا كان غدا فاخطبني من أبي ، ولا يعز عليك ما يطلب أبي منك ، فإن لم تصله يدك ساعدتك عليه ، فلما أصبح تأهب هاشم للقاء القوم فتزينوا بزينتهم (٣) ، وإذا أهل سلمى قد قدموا ، فقام من كان في الخيمة إجلالا لهم ، وجلس هاشم وأخوه وبنو عمه في صدر الخيمة فتطاولت القوم إلى هاشم (٤) ، فابتدأهم المطلب بالكلام ، وقال : يا أهل الشرف والاكرام والفضل والانعام ، نحن وفد بيت الله الحرام ، والمشاعر العظام (٥) ، وإلينا سعة الاقدام (٦) ، وأنتم تعلمون شرفنا وسوددنا ، وما قد خصصنا (٧) الله به من النور الساطع ، والضياء اللامع ، ونحن بنولوي بن غالب ، قد انتقل هذا النور إلى عبد مناف ، ثم إلى أخينا هاشم ، وهو معنا من آدم إلى أن صار إلى هاشم (٨) ، وقد ساقه الله إليكم ، وأقدمه عليكم ، فنحن لكريتكم خاطبون ، وفيكم راغبون ، ثم أمسك عن الكلام ، فقام عمرو أبوسلمى : لكم التحية والاكرام والاجابة والاعظام ، وقد قبلنا خطبتكم ، وأجبنا دعوتكم ، وأنتم تعرفون عليتنا (٩) ، ولا يخفى عليكم أحوالنا ، ولابد من تقدير المهر كما كان سلفنا و
_________________
(١) في المصدر : ولا يضربن عليهن حجابا.
(٢) قد أجبتك خ ل.
(٣) زاد في المصدر : وأوصى أخاه المطلب أن يكون خطيبا.
(٤) في المصدر : إلى هاشم بالاعناق.
(٥) في المصدر : وزمزم والمقام. مكان والمشاعر الغطام.
(٦) زاد في المصدر : والينا يرد الورى.
(٧) خصنا الله خ ل ومثله ما في المصدر.
(٨) في المصدر زيادة : يجرى من قنوات طاهرات إلى بطون مطهرة.
(٩) العلية بالضم والكسر : بيت منفصل عن الارض بيت ونحوه ، ويقال : هو من علية قومه وعليتهم وعليهم وعليهم أى من أهل الرفعة والشرف فيهم. وفي هامش نسخة المصنف بخطه : عليقتنا خ ل.