آباؤنا (١) ، ولو لا ذلك ما واجهناكم بشئ من ذلك ولاقابلناكم به أبدا ، فعند ذلك قال المطلب : لكم عندي مأة ناقة سود الحدق ، حمر الوبر ، لم يعلها جمل ، فبكى إبليس لعنه الله وكان من جملة من حضر ، وجلس عند أبي سلمى وأشار إليه أن اطلب الزيادة ، فقال أبوسلمى : معاشر السادات ما هذا؟ هذا قدر ابنتنا عندكم؟ فقال المطلب : ولكم ألف مثقال من الذهب الاحمر ، فغمز إبليس لعنه الله أبا سلمى وأشار إليه أن اطلب الزيادة ، فقال : يافتى قصرت في حقنا فيما قلت (٢) ، وأقللت فيما بذلت ، فقال : ولكم عندنا حمل عنبر ، وعشرة أثواب من قباطي مصر ، وعشرة من أراضي العراق ، فقد أنصفناكم ، فغمز إبليس لعنه الله أبا سلمى وأشار إليه أن اطلب الزيادة ، فقال : يا فتى قد قاربت وأجملت ، قال له المطلب : ولكم خمس وصايف برسم الخدمة ، فهل تريدون أكر من ذلك؟ فأشار إليه إبليس لعنه الله أن اطلب الزيادة ، فقال أبوسلمى : يا فتى إن الذي بذلتموه لنا إليكم راجع ، فقال المطلب : ولكم عشر أواق من المسك الاذذفر ، وخمسة أقداح (٣) من الكافور ، فهل رضيتم أم لا؟ فهم إبليس أن يغمز أبا سلمى فصاح به أبوسلمى وقال له : يا شيخ السوء اخرج لقد جئت شيئا نكرا ، فو الله لقد أخجلتني ، فقال له المطلب : اخرج يا شيخ السوء ، فقام الشيطان وخرج ، خرج اليهود معه ، فقال إبليس : يا عمر وإن الذي شرطته في مهر ابنتك قليل ، وإنما أردت أن أطلب من القوم ما تفتخر به ابنتك على سائر نسائها وأهل زمانها ، ولقد هممت أن أشرط عليه أن يبني لها قصرا طوله عشرة فراسخ ، وعرضه مثل ذلك ، ويكون شاهقا في الهواء ، باسقا في السماء (٤) ، وفي أعلاه مجلس ينظر منه إلى أيوان كسرى ، وينظر إلى المراكب منحدرات في البحر ، ثم يحلب إليه نهرا من الدجلة والفرات عرضه مأة ذراع ، تجري فيه المراكب (٥) ، ثم يغرس حول النهر
_________________
(١) وآباؤكم خ ل ، وفي المصدر : سلفنا وسلفكم وآباؤنا وآباؤكم.
(٢) في المصدر : قصرت في حقنا مما بذلت.
(٣) أواق خ ل.
(٤) شهق الجبل : ارتفع بهو شاهق. بسق النخل : ارتفعت أغصانه وطال فهو باسق. (٥) في المصدر : تجرى فيه المراكب منحدراب ومصعدات.