وقالت : بئس العشيرة أنتم ضيعوا سيدهم ، وأسلموا عمادهم ، أما كان هاشم مشفقا عليكم ، إذا نزل به الموت أن تحملوه إلى بلده وعشيرته حتى نشاهده ، وأنشأت بعد ذلك تقول :
يا عين جودي وسحي (١) دمعك الهطلا |
|
على كريم ثوى في الشام ثم خلا |
زين الورى ذاك الذي سن القرى |
|
كرما ولم ير في يديه مذ نشا بخلا |
قال : فلما فرغت من شعرها أقبلت ابنة الطليعة حليلة هاشم تقول (٢) :
ألا يا أيها الركب الذي ن تركتموا |
|
كريمكم بالشام رهن مقام |
ألم تعرفوا ما قدره وفخاره |
|
ألا إنكم أولى الورى بملام |
أيا عبرني سحي عليه فقد مضى |
|
أخو الجود والاضياف تحت رخام |
قال : وكان آخر من رثاه من بناته رقية فإنها جعلت تندب وتقول :
عين جودي بالبكاء والعويل |
|
لاخ الفضل والسخاء الفضيل |
طيب الاصل في العزيمة ماض |
|
سمهري (٣) في النايبات أصيل |
قال : فبكى القوم عند ذلك وفكوا كتابه وقرموه فجددوا حزنهم ، ثم قدموا أخاه المطلب وسودوه عليهم ، فقال : إن أخي عبد شمس أكبر مني وأحق بهذا الامر ، فقال عبد شمس : وأيم الله إنك خليفة أخي هاشم ، قال : فرضوا أهل مكة بذلك ، وسلموا له (٤) لوآء نزار ، ومفاتيح الكعبة والسقاية والرفادة ودار الندوة ، وقوس إسماعيل عليهالسلام ، ونعل شيث عليهالسلام ، وقميص إبراهيم عليهالسلام ، وخاتم نوح عليهالسلام ، وما كان في أيديهم من مكارم الانبياء ، وأقام المطلب أياما (٥) ، فلما اشتد بسلمى الحمل وجائها المخاض وهى لا تجد ألما إذ سمعت هاتفا يقول :
_________________
(١) أى صبى صبأمتتا بعا غزيرا.
(٢) ابنته الصفية تقول خ ل.
(٣) اسمهر : اشتدو صلب ، اعتدل كالمرح ، يقال : رمح سمهرى ورماح سمهرية. قد سمهري : اعتدل.
(٤) وسلموا اليه خ ل ومثله في المصدر.
(٥) في المصدر : كمل الجزء الثانى بعون الله وحسن توفيقه ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم. قال ابوالحسن البكرى : حدثنا أشيخانا وأسلافنا الرواة لهذا الحديث قالوا : ثم ان سلمى بها وقت حملها.