وابكى لاكرم من مشى فوق الثرى |
|
فلاجله قد أردفت زفراتي |
قال : وسار القوم حتى أشرفوا على يثرب فبكوا بكاء شديدا ، ونادوا : واها شماه ، واعزاه ، وخرج الناس وخرجت سلمى وأبوها وعشيرتها فنظروا وإذا بخيل هاشم قد جزوا نواصيها وشعورها ، وعبيد هاشم يبكون (١) ، فلما سمعت سلمى بموت هاشم مزقت أثوباها ، ولطمت خدها ، وقالت : واها شماه ، مات والله لفقدك الكرم والعز من بعدك ، يا هاشماه يا نور عيني من لولدك الذي لم تر عيناك؟ قال : فضج الناس بالبكاء والنحيب ، ثم إن سلمى أخذت سيفا من سيوف هاشم وعطفت به على ركابه وعقرتها عن آخرها ، وحسبت ثمنها على نفسها ، وقالت لوصي هاشم : اقرء المطلب عني السلام وقل له : إني على عهد أخيه ، وإن الرجال بعده علي حرام ، ثم إن العبيد والغلمان ساروا إلى مكة وقد سبقهم الناع إلى أولاده وعياله ، فأكثر أهل مكة البكاء والنحيب ، وخرج الرجال وخرجت نساء قريس منشورات الشعور ، ومشققات الجيوب ، وخرجت نساء سادات بني عبد مناف ، وتقدمت خلادة (٢) تلومهم حيث إنهم لم يحملوه إلى الحرم وأنشأت تقول :
يا أيها الناعون أفضل من مشى |
|
الفاضل بن الفضال بن الفاضل |
اسد الثرى ما زال يحمي أهله |
|
من ظالم أو يهتد بالباطل |
ما مضي العزيمة أروع ذي همة |
|
عليا وجود كالسحاب الهاطل |
زين العشيرة كلها وعمادها |
|
عند الهزاهز طاعن بالذابل (٣) |
إن السميدع قد مضى (٤) في بلدة |
|
بالشام بين صحاصح وجنادل |
قال : فلما فرغت من شعرها أتت إليهم بنته الشعثاء فحثت التراب على وجههم ،
_________________
(١) في المصدر : وخرجت سلمى وأبوها وقومها فنظروا إلى مطايا هاشم قد قصوا نواصيها و شعورها ، وكل جنبيه ومطية عليها من أثوب هاشم ، وعبيدة واصحابه يبكون.
(٢) في المصدر : خالدة بنت الورقاء.
(٣) أى بالرمح الدقيق.
(٤) ان السيد ع قد ثوى خ ل السميدع : السيد الكريم. الشريف. الشجاع.