قال : نعم أنا أبرز إليه وجرد سيفه ودنا من المطلب فتقاتلا من أول النهار حتى مضى من الليل أكثره (١) ، واليهود فرحون إذ برز لاطية للمطلب هذا ، وعينا شيبة يهملان دموعا خوفا على عمه المطلب ، فبيناهم كذلك وإذا بغبرة قد ثارت كأنها (٢) الليل المظلم (٣) وقد سدت الافق ، وإذا بصهيل الخيل ، وقعقعة اللجم ، واصطفاق الاسنة ، وإذاهم أربعمأة وهم فرسان الاوس والخزرج قد أقبلوا من المدينة مع سلمى وأبيها ، فلما نظرت إلى اليهود مجتمعين على حرب المطلب صاحت بهم صيحة عظيمة وقالت : يا ويلكم ما هذا الفعال؟ فهم لاطية بالهزيمة فقال له المطلب : إلى أين يا عدو الله ، الفرار (٤) من الموت ، ثم ضربه بالسيف على عاتقه فقسمه نصفين ، وعجل الله بروحه إلى النار وبئس القرار ، وجالت الفرسان على اليهود ، فما كان إلا قليلا حتى باد (٥) جميع اليهود ، فعند ذلك عطفوا على المطلب ولاسيف مشهور في يده وقد دفع القوس إلى ابن أخيه ، فلما جالت الكتائب خافت سلمى على ولدها فأومأت إلى القوم وكانت مطاعة فيهم فأمسكوا عن القتال ، فتقدمت سلمى إلى المطلب ونادته وقالت : من الهاجم على مرابط الاسد والخاطف من اللبوة شبلها؟ قال المطلب : هو من يزيده شرفا على شرفه ، وعزا إلى عزه ، وهو أشفق عليه منكم ، وأنا أرجو أن يكون صاحب الحرم ، والمتولي على الامم ، وأنا عمه المطلب ، فلما سمعت كلامه قالت : مرحبا (٦) وأهلا وسهلا ، ولم لا تستأذني في حملك ولدنا
_________________
(١) في المصدر : فقال : نعم ، فأخذته الحمية ، وغضب وتجرد من ثيابه ، وركب جواده ، و أخذ درفته وسيفه وقد عزم على القتال ، فلما رآه المطلب أقبل مسرعا اليهما فأخذ المطلب بيدابن أخيه ورجع إلى عدوالله قاصدا غير طايش ، فتقابل الكبشين وتناطحا وتجاولا حتى مضى أكثر الليل اه. قلت : قد قدمنا أن الظاهر أن لاطية مصحف داحية.
(٢) في المصدر زيادة : فلما طال عليهما القتال وقد مل كل واحد منهما صاحبه واذا هم بغيرة قد ثارت عليهم كأنها اه.
(٣) كأنها قطع الليل المظلم خ ل.
(٤) في المصدر : أين الفرار. وأثبته المصنف في الهامش عن نسخة.
(٥) حتى أبادوا خ ل.
(٦) في المصدر زيادة : ما أنا بعدو ولا معاند انا عمه وجماله ، فلما سمعت كلامه سلمى قالت ، من أنت من عمومته؟ قال : أنا الذى زوجتك من أبيك ، فقالت له عند ذلك : مرحبا.