مقصود بجيشه حتى ورد عليه أبرهة بن الصباح ومعه بقية الجيش وهم أربعمأة فيل (١) ، فكدر المياه ، وحطم المراعي ، وسد المسالك والفجاج (٢) ، وحطموا الارض ، فأضر بهم العطش والجوع لكثرتهم فشكوا ذلك إلى أبرهة ، فقال لهم : سيروا إلى مكة مسرعين ، فنزلوا بالابطح (٣) ، وساقوا جميع المواشي ، وكانت لعبد المطلب ثمانون ناقة حمراء فأخذها القوم وتقاسموها (٤) ، وسبق بعض الرعاة فأخبر عبدالمطلب بذلك ، فقال : ( الحمد لله ) هي مال الله ، وضيافة لاهل بيته وزواره وحجاجه ، فإن سلمها (٥) فهي له ، وإن ردها إلينا فهي إحسانه ، وهي عارية عندنا ) ، ثم إن عبدالمطلب لبس قميصه ، وتردى برداء لوي ، وتحزم (٦) بمنطقة الخليل عليهالسلام ، وتنكب قوس إسماعيل عليهالسلام ، واستوى على مطيته وعزم على الخروج ، فقام إليه أقاربه وقالوا له : أين تريد؟ قال : إلى (٧) هذا الرجل الظالم الذي أخذ مال الله عزوجل ، وتعرض لحرم الله ، قالوا : ما كنا بالذي نطلق سبيلك حتى تمضي إليه لان هذا مثل البحر من دخله غرق ، وأنت اعتصمت برب الكعبة ، واعتمنا معك ، ورضينا لانفسنا ما رضيت لنفسك ، أما الخروج من الحرم إلى شر الامم فلما نسمح لك بذلك ، قال : يا قوم إني أعلم من فضل ربي ما لا تعلمون ، فخلوا سبيلي فإني سأرجع إليكم عن قريب ، فخلوا سبيله فمرت به مطيته كالريح ، فلما أشرف على القوم نظروا إليه من بعيد فإذا هو كالبدر إذا بدا ، والصبح إذا أسفر ، فلما عاينوه من قريب بهتوا فيه فجاؤه وقد حبس الله أيديهم عنه ، فقالوا له : من أنت أيها الرجل الجميل الطلعة ، المليح الغرة ، من أنت يا ذا النور الساطع ، والضياء اللامع؟ فإن كنت من هذه البلدة نسألك أن ترد
_________________
(١) في المصدر : اربعمأة قبيلة ، وكذا في نسخة على ما أثبته المصنف في الهامش.
(٢) في المصدر : وكدروا وكذا ما بعدها من الافعال.
(٣) في المصدر : فسار القوم إلى مكة مسرعين فنزلوا في الابطح.
(٤) وتقاسموا المواشى خ ل.
(٥) في المصدر : فان تسلمها.
(٦) أى شد وسطه.
(٧) آتى إلى هذالرجل الظالم خ ل.