وخرج يناديهم من عند امهاتهم واحدا واحدا ، فأقبلوا إليه مسرعين وقد تزينوا (١) بأحسن الزينة ، فلم يتأخر (٢) غير عبدالله ، لانه كان أصغرهم ، فسألهم عنه فقالوا : لا نعلمه منهم أحد (٣) فخرج إليه بنفسه حتى ورد منزل فاطمة زوجته ، فأخذ بيده ، فتعلقت به امه ، فجعل أبوه يجذبه منها ، وهي تجذبه منه ، وهو يريد أباه (٤) ، وهو يقول : ( يا اماه اتركيني أمضي مع أبي ليفعل بي ما يريد ) ، فتركته وشقت جبيبها وصرخت وقالت : ( لفعلك يا أبا الحارث فعل لم يفعله أحد غيرك ، فكيف تطيب نفسك بذبح ولدك؟ وإن كان ولا بد من ذلك فخل عبدالله لانه طفل صغير وارحمه لاجل صغره ، ولاجل هذا النور الذي في غرته (٥) ) فلم يكترث بكلامها (٦) ، ثم جذبه من يدها (٧) ، فقامت عند ذلك تودعه فضمته إلى صدرها ، وقالت : ( حاشاك يا رب أن يطفئ نورك ، وقد قلت حيلتي فيك يا ولدي ، واحزنا عليك يا ولدي ، ليتني قبل غيبتك عني وقبل ذبحك يا ولدي غيبت تحت الثرى ، لئلا أرى فيك ما أرى ، ولكن ذلك بالرغم مني لا بالرضا
_________________
(١) في المصدر : وقد تطيبوا وتزينوا.
(٢) في المصدر : ولم يتأخر أحد منهم. وفي هامش الكتاب : فلم يتأخر منهم أحد خ ل.
(٣) فقالوا : ما لنا به علم خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٤) وهو يريد ابنه وهى تمنعه خ ل وفي المصدر : وهو يريد أبيه وهى تمنعه وهو يقول : يا أماه اتركينى أمضى مع أبى ليمثل أمره وما عاهد الله عزوجل به ، فأنا أعود إليك ان شاء الله تعالى ، فتركته وقالت : ( يا أبا الحارث فعلك الذى عزمت عليه ما سبقك اليه أحد من الناس ، فكيف تطيب نفسك أن تذبح أولادك )؟.
(٥) ولهذا النور الذى في غرته خ ل. وفي المصدر : في وجهه ، وبعده : فورب الكعبة لان فعلت ببعض أولادك ما أنت عليه عازم تشمت بك الحساد ، ولا تطيب نفسك أبدا ، فقال لها عبدالمطلب : ( يا فاطمة ان عبدالله اجل اولادى وأحبهم إلى ، وأنا أرجو من الله تعالى أن ينجيه ويرحم صغر سنه ) ، قال : ( ثم ان عبدالمطلب عزم على المسيريه ، فقالت امه تضمه إلى صدرها وهى تقول : أترى ورب الكعبة قضى بفراقك ، وقدر على وحشتك حاشا نور الله يطفا ويذهب نور الابطح والصفا ، ولقد قلت حيلتى يا بنى ).
(٦) أى لم يعبأ به ولا يباليه.
(٧) ثم جذبه بيده وأخذه خ ل.