ولو أن أحدكم أصابته شوكة لساءني ذلك (١) ، ولكن حق الله أوجب من حقكم (٢) ، وقد عاهدته ونذرت له متى رزقني الله أحد عشر ولدا ذكرا لانحرن أحدهم قربانا ، وقد أعطاني ما سألته ، وبقي الآن (٣) ، ما عاهدته ، وقد جمعتكم لاشاوركم ، فما أنتم قائلون؟ فجعل بعضهم ينظر إلى بعض وهم سكوت لا يتكلمون ، فأول من تكلم منهم عبدالله أبو رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان أصغر أولاده ، فقال : يا أبت أنت الحاكم علينا ، ونحن أولادك وفي طوع يدك ، وحق الله أوجب من حقنا ، وأمره أوجب من أمرنا ، ونحن لك طائعون وصابرون على حكم الله وحكمك ، وقد رضينا بأمر الله وأمرك ، وصبرنا على حكم الله و حكمك ، ونعوذ بالله من مخالفتك ، فشكره أبوه ، وكان لعبد الله في ذلك اليوم إحدى عشر سنة ، فلما سمع أبوه كلامه بكى بكاء شديدا حتى بل لحيته من دموعه ، ثم قال لهم : يا أولادي ما الذي تقولون؟ فقالوا له : سمعنا وأطعنا ، فافعل ما بدا لك ، ولن نحرتنا عن آخر نافكيف واحدا منا ، فشكرهم على مقالتهم ، ثم قال لهم : يا بني امضوا إلى امهاتكم و أخبروهن بما قلت لكم ، وقولوا لهن يغسلنكم ويكحلنكم ويطيبنكم ، والبسوا أفخر ثيابكم ، وودعوا امهاتكم وداع من لا يرجع أبدا ، فتفرقوا إلى امهاتهم و وأخبروهن بما قال لهم أبوهم ، ففاضت لاجل ذلك العيون ، وترادفت الاحزان (٤) ، قال : ثم إن عبدالمطلب بات تلك الليلة مهموما مغموما ، لم يطعم طعاما ، ولم يشرب شرابا ، ولم يغمض عينا حتى طلع الفجر (٥) ، ثم لبس أفخر أثوابه ، وتردى برداء آدم عليهالسلام ، وتنعل بنعل شيث عليهالسلام ، وتختم بخاتم نوح عليهالسلام ، وأخذ بيده خنجرا ما ضيا ليذبح به بعض أولاده
_________________
(١) في المصدر هنا زيادة هى : ولو عرض لبعضكم عارض لاذانى. وأثبته المصنف في الهامش عن نسخة.
(٢) في المصدر هنا زيادة هى : ومكان الله أعظم من مكانكم. ونقله المصنف في الهامش عن نسخة.
(٣) وبقى على الان ما عاهدته خ ل.
(٤) في المصدر هنا زيادة هى : وعقدن لفقد أولادهن الماتم.
(٥) في المصدر هنا زيادة هى : وهو مع ذلك قلقا مر عو بالمايعلم من أمر أولاده وما يريد أن يفعل بهم ، قال : ( فاغتسل ولبس ) اه. قلت : قوله : ( قلقا ) لعله مصحف قلق مرعوب.