« ووجدك ضالا فهدى » أي ضالة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك. « ووجدك عائلا » تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك.
« فأما اليتيم فلا تقهر » أي لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه. وقيل : أي لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيما « وأما السائل فلا تنهر » أي لا تنهره ولا ترده إذا أتاك يسألك ، فقد كنت فقيرا ، فإما أن تطعمه ، وإما أن ترده ردا لينا « وأما بنعمة ربك فحدث » معناه اذكر نعم الله تعالى وأظهرها وحدث بها انتهى (١) كلامه رفع الله مقامه.
وقال البيضاوي (٢) في قوله تعالى : « ألم نشرح لك صدرك » : ألم نفسحه حتى وسع مناجات الحق ودعوة الخلق ، فكان غائبا حاضرا؟ أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم ، وأزلنا عنه ضيق الجهل؟ أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك؟ وقيل : إنه إشارة إلى ما روي أن جبرئيل أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه وغسله ، ثم ملاه إيمانا وعلما ، ولعله إشارة إلى نحو ما سبق ، ومعنى الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته ، ولذلك عطف عليه « ووضعنا عنك وزرك » عبأك الثقيل « الذي أنقض ظهرك » الذي حمله على النقيض ، وهو صوت الرحل عند الانتقاض من ثقل الحمل ، وهو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة ، أو جهله بالحكم و الاحكام ، أو حيرته ، أو تلقي الوحي ، أو ما كان يرى من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم ، أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الايمان.
« ورفعنا لك ذكرك » بالنبوة وغيرها « فإن مع العسر » كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم « يسرا » كالشرح والوضع والتوفيق للاهتداء والطاعة ، فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يغمك « إن مع العسر يسرا » تكرير للتأكيد ، أو استيناف وعدة بأن العسر مشفوع بيسر آخر ، كثواب الآخرة « فإذا فرغت » من التبليغ « فانصب » فاتعب في العبادة شكرا بما عددنا عليك من النعم السالفة ، ووعدنا بالنعم
____________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٤ ـ ٥٠٦.
(٢) ما نقله عن البيضاوي لا ينطبق على ما في تفسيره ، والظاهر أنه أخرجه عن غيره ، ولا ينطبق أيضا على ما قاله الرازي والزمخشرى في تفسيرهما.