السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا (١) »وقال : «وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا (٢) » وقال : « إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (٣) » وأمثال ذلك في القرآن مما يتضمن الوعيد على القول في دين الله بغير علم ، والذم والتهديد لمن عمل فيه بالظن ، واللوم له على ذلك ، وإذا كان الخبر بأن النبي (ص) سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظن عاملا حرم الاعتقاد لصحته ، ولم يجز القطع به ، ووجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله (ص) وعصمته ، وحراسة الله له من الخطاء في عمله ، والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته ، وفي هذا القدر كفاية في إبطال حكم من حكم على النبي صلىاللهعليهوآله بالسهو في صلاته.
فصل : على أنهم اختلفوا في الصلاة التي زعموا أنه (ص) سها فيها ، فقال بعضهم هي الظهر وقال بعضهم هي العصر ، وقال بعض آخر منهم : بل كانت عشاء الآخرة ، و اختلافهم في الصلاة دليل على وهن الحديث ، وحجة في سقوطه ، ووجوب ترك العمل به وإطراحه.
فصل : على أن في الخبر نفسه ما يدل على اختلاقه ، وهو ما رووه من أن ذا اليدين قال للنبي (ص) لما سلم في الركعتين الاوليين من الصلاة الرباعية : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال (ص) ما زعم؟ (٤) : كل ذلك لم يكن ، فنفى (ص) أن تكون الصلاة قصرت ، ونفى أن يكون قد سها فيها ، فليس يجوز عندنا وعند الحشوية المجيزين عليه السهو أن يكذب النبي (ص) متعمدا ولا ساهيا ، وإذا كان أخبر أنه لم يسه وكان صادقا في خبره فقد ثبت كذب من أضاف إليه السهو ، ووضح بطلان دعواه في ذلك بلا ارتياب
فصل : وقد تأول بعضهم ما حكوه من قوله : « كل ذلك لم يكن » على ما يخرجه عن الكذب مع سهوه في الصلاة ، بأن قالوا : إنه (ص) نفى أن يكون وقع الامران معا ،
___________________
(١) الاسراء : ٢٦.
(٢) يونس : ٣٦.
(٣) يونس : ٦٦.
(٤) هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في الطبعة الحروفية : على ما زعم.