ومن ذلك أنه توجه إلى الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش فلما كان بحيال بحير (١) الراهب نزلوا بفناء ديره ، وكان عالما بالكتب وقد كان قرأ في التوراة مرور النبي صلىاللهعليهوآله به ، وعرف أوان ذلك ، فأمر فدعي إلى طعامه ، فأقبل يطلب الصفة في القوم فلم يجدها ، فقال : هل بقي في رحالكم أحد ، فقالوا : غلام يتيم ، فقام بحير الراهب فاطلع فإذا هو برسول الله (ص) نائم وقد أظلته سحابة ، فقال للقوم : ادعوا هذا اليتيم ففعلوا ، وبحير مشرف عليه وهو يسير والسحابة قد أظلته ، فأخبر القوم بشأنه وأنه سيبعث فيهم رسولا وما يكون من حاله وأمره ، فكان القوم بعد ذلك يهابونه ويجلونه ، فلما قدموا أخبروا قريشا بذلك (٢) ، وكان معهم عبد خديجة بنت خويلد ، فرغبت في تزويجه وهي سيدة نساء قريش ، وقد خطبها كل صنديد ورئيس قد ابتهم ، فزوجته نفسها بالذي بانها من خبر بحير (٣).
ومن ذلك أنه كان بمكة قبل الهجرة أيام ألبت عليه قومه وعشائره ، فأمر عليا أن يأمر خديجة أن تتخذ له طعاما ففعلت ، ثم أمره أن يدعو له أقرباءه من بني عبدالمطلب فدعا أربعين رجلا ، فقال : احضر لهم طعاما ياعلي ، فأتاه بثريدة وطعام يأكله الثلاثة و الاربعة ، فقدمه إليهم ، وقال : كلوا وسموا ، فسمى (٤) ولم يسم القوم ، فأكلوا و صدروا شبعى (٥) ، فقال أبوجهل : جاد ما سحركم محمد ، يطعم من طعام ثلاثة رجال أربعين رجلا ، هذا والله السحر (٦) الذي لا بعده ، فقال علي (ع) : ثم أمرني بعد أيام فاتخذت له مثله ودعوتهم بأعيانهم فطعموا وصدروا (٧).
__________________
(١) في نسخة من المصدر : بحيراء ، وكذا فيما يأتى بعد.
(٢) تقدم خبره مع بحيرا في الباب الرابع راجع ج ١٥ : ٤٠٨.
(٣) تقدم تزوجه بخديجة في الباب الرابع راجع ج ١٦ : ١ ـ ٨١
(٤) في نسخة من المصدر : فسميا. أقول : أى النبى صلىاللهعليهوآله وعلى عليهالسلام.
(٥) وشبعوا خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٦) هو السحر خ ل.
(٧) أى رجعوا إلى منازلهم.