عيسى بن مريم عليهالسلام كما زعمت أنه كان يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، فأخبرني بما أكلت اليوم ، وما ادخرته في بيتي ، وزدني على ذلك أن تحدثني بما صنعته بعد أكلي لما أكلت ، كما زعمت أن الله زادك (١) في المرتبة فوق عيسى عليهالسلام ، فقال : رسول الله (ص) : أما ما أكلت وما ادخرت فاخبرك به واخبرك بما فعلته في خلال أكلك ، وما فعلته بعد أكلك ، وهذا يوم يفضحك الله فيه لاقتراحك (٢) ، فإن آمنت بالله لم تضرك هذه الفضيحة ، وإن أصررت على كفرك اضيف لك إلى فضيحة الدنيا وخزيها خزي الآخرة الذي لا يبيد ولا ينفد ولا يتناهى ، قال : وما هو؟ قال رسول الله (ص) : قعدت يا أباجهل تتناول من دجاجة مسمنة استطبتها (٣) ، فلما وضعت يدك عليها استأذن عليك أخوك أبوالبختري ابن هشام ، فأشفقت (٤) عليه أن يأكل منها وبخلت ، فوضعتها تحت ذيلك ، وأرخيت عليها ذيلك حتى انصرف عنك فقال أبوجهل : كذبت يامحمد ، ما من هذا قليل ولا كثير ، ولا أكلت من دجاجة ، ولا ادخرت منها شيئا ، فما الذي فعلته بعد أكلي الذي زعمت (٥) ، قال رسول الله (ص) كان عندك (٦) ثلاثمأة دينار لك ، وعشرة آلاف دينار ودائع الناس عندك : المأة ، والمأتان ، والخمسمأة ، والسبعمأة ، والالف ، ونحو ذلك إلى تمام عشرة آلاف ، مال كل واحد في صرة وكنت قد عزمت على أن تختانهم ، وقد كنت جحدتهم ومنعتهم ، واليوم لما أكلت من هذه الدجاجة أكلت زورها (٧) وادخرت الباقي ، ودفنت هذا المال أجمع مسرورا فرحا باختيانك عباد الله ، وواثقا بأنه قد حصل لك ، وتدبير الله في ذلك خلاف تدبيرك ، فقال أبوجهل : وهذا أيضا يامحمد ، فما أصبت منه قليلا ولا كثيرا ، وما دفنت شيئا ، وقد سرقت تلك
___________________
(١) قد زادك.
(٢) في المصدر : يفضحك الله فيه باقتراحك.
(٣) هكذا في النسخة أقول : وفى المصدر اسمطتها : اى جعلتها على السماط وهو ما يبسط ويوضع عليه الطعام والسياق يوافق ذلك واما ما في نسخة المصنف فهو اما صورة النسخة التى كانت عنده او تصحيح منه قده زعما ان الموافق للسياق انما هو استطبتها اى وجدتها طيبة ثم غفل عن ذلك كله عند بيان الحديث فنقل عن الجوهرى معنى سمط وهو لا يوافق السياق ولا المصدر الذى عندنا.
(٤) أشفق عليه ومنه : حاذر وخاف وحرص.
(٥) عندك زعمته خ ل.
(٦) معك خ ل.
(٧) في المصدر : أكلت ذروتها والزور : أعلى وسط الصدر.