منهم باقية إلا المؤمنين فقد اوتي محمد (ص) مثله حين أنزل الله ملك الجبال ، وأمر بطاعته فيما يأمره به من إهلاك قومه ، فاختار الصبر على أذاهم ، والابتهال في الدعاء لهم بالهداية ثم رق نوح عليهالسلام على ولده فقال : « رب إن ابني من أهلي (١) » رقة القرابة ، فالمصطفى لما أمره الله بالقتال شهر على قرابته سيف النقمة ، ولم تحركه شفقة القرابة ، وأخذ بالفضل معهم لما شكوا احتباس المطر ، فدعا فمطروا من الجمعة إلى الجمعة حتى سألوه أن يقل وإن قال في نوح عليهالسلام : « إنه كان عبدا شكورا (٢) » فقد قال في محمد : « بالمؤمنين رؤوف رحيم (٣) » « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (٤) » وإن خص إبراهيم عليهالسلام بالخلة ففضل بها (٥) فقال : « واتخذ الله إبراهيم خليلا (٦) » فقد جمع الله الخلة والمحبة لمحمد صلىاللهعليهوآله حتى قال صلىاللهعليهوآله : ولكن صاحبكم خليل الله وحبيب الله ، وفي القرآن : « فاتبعوني يحببكم الله (٧) » وعن عبدالله بن أبي الحمساء قال : كان بيني وبين محمد بيع قبل أن يبعث فبقيت لي بقية فوعدته أن آتيه في مكانه ، فنسيت يومي والغد ، فأتيته في اليوم الثالث ، وكان محمد في مكانه ينتظرني ، فقلت له في ذلك ، فقال : أنا ههنا مذ وعدتك (٨) أنتظرك ، ضاهى جده إسماعيل بن إبراهيم عليهالسلام فإنه وعد رجلا فبقي في مكانه سنة فشكر الله له ذلك فقال : « واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد (٩) » وكان محمد في صباه يخرج بغنم لهم إلى الصحراء ، فقال له بعض الرعاة : يامحمد إني وجدت في موضع كذا مرعى خصيبا ، فقال : نخرج غدا إليه ، فبكر (١٠) من بيته إلى ذلك الموضع وأبطأ الرجل
___________________
(١) هود : ٤٥.
(٢) الاسراء : ٣.
(٣) التوبة : ١٢٨.
(٤) الانبياء : ١٠٧.
(٥) في المصدر : ففضله.
(٦) النساء : ١٢٥.
(٧) آل عمران : ٣١.
(٨) في المصدر : مذ وعدتنى.
(٩) مريم : ٥٤. وفى الروايات : ان اسماعيل هذا غير اسماعيل بن ابراهيم عليهمالسلام. (١٠) أى أتاه بكرة.