كما كان عيسى عليهالسلام من ولد الانبياء ، قال الله : « ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى (١) » وأعطى محمدا الكتاب المجيد ، والقرآن العظيم ، وفتح عليه وعلى أهل بيته باب الحكمة ، وأوجب الطاعة لهم على الاطلاق بقوله : « أطيعوا الله وأطيعو الرسول واولي الامر منكم (٢) » وإن صبر يعقوب عليهالسلام على فراق ولده حتى كاد أن يكون حرضا (٣) من الحزن ، فقد فجع محمد (ص) بابن كان له وحده فصبر ، ووجد يعقوب عليهالسلام وجد فراق ، وحزن محمد صلىاللهعليهوآله على قرة عينه كان بوفاته ، وكان يعقوب عليهالسلام فقد ابنا واحدا من بنيه ولم يتيقن وفاته ، وإن اوتي يوسف شطر الحسن ، فقد وصف جمال رسولنا فقيل : إذا رأيته رأيته كالشمس الطالعة ، وإن ابتلي يوسف بالغربة وامتحن بالفرقة فمحمد فارق وطنه من أذى المشركين ، ووقف على الثنية (٤) وحول وجهه إلى مكة فقال : إني لاعلم أنك أحب البقاع إلى الله ، ولولا أهلك أخرجوني ما خرجت ، فلما بلغ الجحفة أنزل الله عليه : « إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد » (٥) ثم آل محمد (ص) شردوا في الآفاق ، وامتحنوا بما لم يمتحن به أحد غيرهم ، وقد اعلم محمد (ص) جميع ذلك ، وكان يخبر به ، وإن بشر الله يوسف برؤيا رآها فقد بشر محمدا برؤيا في قوله : « لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق (٦) » وإن اختار يوسف عليهالسلام الحبس توقيا من المعصية فقد حبس رسول الله (ص) في الشعب ثلاث سنين ونيفا حتى (٧) ألجأه أقاربه إلى أضيق الضيق ، حتى كادهم الله ببعثه أضعف خلقه في أكل عهدهم الذي كتبوه (٨) في قطيعة رحمه (٩) ، ولئن غاب يوسف عليهالسلام
___________________
(١) الانعام : ٨٤ و ٨٥.
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) أى مشرفا على الموت من إذابة الحزن له.
(٤) الثنية : العقبة أو طريقها أو الجبل أو الطريقة فيه أو إليه.
(٥) القصص : ٨٥.
(٦) الفتح : ٢٧.
(٧) حين خ ل.
(٨) كتموه خ ل.
(٩) في المصدر : ولئن كان يوسف عليهالسلام في الجب فكان محمد صلىاللهعليهوآله في الغار