وأما الاسود بن عبد يغوث فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيل عليهالسلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة ، فقال لغلامه : امنع عني هذا ، فقال : ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك فقتله وهو يقول : قتلني رب محمد.
وأما الاسود بن المطلب فإن النبي صلىاللهعليهوآله دعا عليه أن يعمي الله بصره ، وأن يثكله ولده ، فلما كان في ذلك اليوم خرج حتى صار إلى موضع فأتاه جبرئيل عليهالسلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمى وبقي حتى أثكله الله ولده.
وأما الحارث بن الطلاطلة فإنه خرج من بيته في السموم (١) فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال : أنا الحارث ، فغضبوا عليه فقتلوه ، وهو يقول : قتلني رب محمد.
وروي أن الاسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه العطش ، فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات ، وهو يقول : قتلني رب محمد ، كل ذلك في ساعة واحدة ، وذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله (ص) ، فقالوا له : يامحمد ننتظر بك إلى الظهر ، فإن رجعت عن قولك وإلا قتلناك ، فدخل النبي صلىاللهعليهوآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم ، فأتاه جبرئيل عليه عن الله ساعته (٢) فقال له : يامحمد السلام يقرأ عليك السلام ، وهو يقول : « اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين » (٣) يعني أظهر أمرك لاهل مكة ، وادعهم إلى الايمان.
قال : ياجبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟ قال له : « إنا كفيناك المستهزئين (٤) ».
قال : ياجبرئيل كانوا الساعة بين يدي ، قال : قد كفيتهم ، فأظهر أمره عند ذلك ، و أما بقيتهم من الفراعنة (٥) فقتلوا يوم بدر بالسيف ، وهزم الله الجمع وولوا الدبر.
___________________
(١) السموم : الريح الحارة.
(٢) في المصدر : فأتاه جبرئيل من الله من ساعته. وفى كتاب الاحتجاجات : عن الله ساعته.
(٣) الحجر : ٩٤.
(٤) الحجر : ٩٥.
(٥) في المصدر : وأما بقية الفراعنة.