إن فعلت ذلك اصطنعت إلى أهل الوادي معروفا لا تزال تذكر به ، قال : إنه كثير السجود حول الكعبة ، فإذا جاء وسجد أخذت حجرا فشدخته به ، فجاء رسول الله (ص) فطاف بالبيت اسبوعا ثم صلى وأطال السجود ، فأخذ أبوجهل حجرا فأتاه من قبل رأسه ، فلما أن قرب منه أقبل فحل من قبل رسول الله (ص) فاغرا فاه (١) نحوه ، فلما أن رآه أبوجهل فزع منه. وارتعدت يده ، وطرح الحجر فشدخ رجله ، فرجع مدمى متغير اللون يفيض عرقا ، فقال له أصحابه : ما رأينا كاليوم (٢) ، قال : ويحكم أعذروني ، فإنه أقبل من عنده فحل فاغرا فاه فكاد يبلعني (٣) ، فرميت بالحجر فشدخت رجلي.
قال له اليهودي : فإن موسى عليهالسلام قد اعطى اليد البيضاء ، فهل فعل بمحمد شئ من هذا؟.
قال له علي عليهالسلام : لقد كان كذلك ، ومحمد (ص) اعطي ما هو أفضل من هذا ، إن نورا كان يضئ عن يمينه حيثما جلس ، وعن يساره أينما جلس ، وكان يراه الناس كلهم.
قال له اليهودي : فإن موسى عليهالسلام قد ضرب له في البحر طريق ، فهل فعل بمحمد شئ من هذا؟.
فقال له علي عليهالسلام : لقد كان كذلك ، ومحمد (ص) اعطي ما هو أفضل من هذا ، خرجنا معه إلى حنين فإذا نحن بواد يشخب (٤) فقدرناه فإذا هو أربع عشرة قامة ، فقالوا : يارسول الله العدو من ورائنا ، والوادي أمامنا ، كما قال أصحاب موسى : إنا لمدكون ، فنزل رسول الله (ص) ثم قال : « اللهم إنك جعلت لكل مرسل دلالة ، فأرني قدرتك » و ركب صلوات الله عليه وآله فعبرت الخيل لا تندى (٥) حوافرها ، والابل لا تندى أخفافها
___________________
(١) فغر فاه : فتحه.
(٢) في المصدر : ما رأيناك كاليوم.
(٣) في المصدر وكتاب الاحتجاجات : يبتلعنى.
(٤) أى يسيل.
(٥) أى لا تبتل.