عليهم ، وكانوا مع ذلك ينكرون على سائر اليهود الاخبار للناس عما كانوا يشاهدونه من آياته ، ويعاينونه من معجزاته ، فأظهر الله تعالى محمدا رسوله على سوء اعتقاداتهم ، وقبح دخيلاتهم (١) ، وعلى إنكارهم على من اعترف بما شاهده من آيات محمد وواضحات (٢) بيناته وباهرات معجزاته فقال : يامحمد « أفتطمعون » أنت وأصحابك من علي وآله الطيبين « أن يؤمنوا لكم » هؤلاء اليهود الذين هم بحجج الله قد بهرتموهم ، وبآيات الله ودلائله الواضحة قد قهرتموهم ، أن يؤمنوا لكم : يصدقوكم (٣) بقلوبهم ويبدوا في الخلوات لشياطينهم شرايف (٤) أحوالكم ، « وقد كان فريق منهم » يعني من هؤلاء اليهود من بني إسرائيل « يسمعون كلام الله » في أصل جبل طور سيناء ، وأوامره ونواهيه « ثم يحرفونه » عما سمعوه إذا أدوه إلى من ورائهم من سائر بني إسرائيل « من بعد ما عقلوه » وعلموا أنهم فيما يقولونه كاذبون ، « وهم يعلمون » أنهم في قلبهم (٥) كاذبون ، وذلك أنهم لما ساروا مع موسى عليهالسلام إلى الجبل فسمعوا كلام الله ، ووقفوا على أوامره ونواهيه ، رجعوا فأدوه إلى من بعدهم فشق عليهم ، فأما المؤمنون منهم فثبتوا على إيمانهم ، وصدقوا في نياتهم ، وأما أسلاف هؤلاء اليهود الذين نافقوا رسول الله (ص) في هذه القصة فإنهم قالوا لبني إسرائيل : إن الله تعالى قال لنا هذا ، وأمرنا بما ذكرناه لكم ونهانا ، وأتبع (٦) ذلك بأنكم إن صعب عليكم ما أمرتكم به فلا عليكم أن لا تفعلوه ، وإن صعب (٧) ما عنه نهيتكم فلا عليكم أن ترتكبوه (٨) وتواقعوه ، هذا وهم يعلمون أنهم بقولهم هذا كاذبون.
__________________
(١) دخيلة المرء : باطنه وضميره. وفى المصدر المخطوط : دخلاتهم : وفى المطبوع : أخلاقهم.
(٢) وواضح خ ل.
(٣) في المصدر : ويصدقوكم.
(٤) شريف خ ل.
(٥) في قولهم خ ل. وفى المصدر : في قيلهم.
(٦) وسع خ ل.
(٧) في المصدر : صعب عليكم.
(٨) أن تركتموه خ ل.