سيأتي « ما كنت تدري » أي قبل الوحي « ما الكتاب ولا الايمان » قيل : الكتاب : القرآن ، والايمان الصلاة ، وقيل : المراد أهل الايمان على حذف المضاف ، وقيل : المراد به الشرائع ومعالم الايمان ، وهو صلىاللهعليهوآله لم يكن في حال من الاحوال على غير الايمان ، واستدل بهذه الآية على أنه صلىاللهعليهوآله لم يكن قبل النبوة متعبدا بشرع ، وسيأتي تحقيقه. « ولكن جعلناه » أي القرآن أو الروح أو الايمان.
قوله تعالى : « علمه شديد القوى » قال الطبرسي ـ رحمهالله ـ يعني جبرئيل عليهالسلام أي القوي في نفسه وخلقته « ذو مرة » أي قوة وشدة في خلقه ، ومن قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط ، ومن شدته صيحته لقوم ثمود حتى هلكوا ، وقيل : ذو صحة وخلق حسن ، و قيل : « شديد القوى » في ذات الله « ذو مرة » أي صحة في الجسم ، سليم من الآفات والعيوب وقيل : ذو مرة ، أي ذو مرور في الهواء ذاهبا وجائيا ونازلا وصاعدا « فاستوى » أي جبرئيل على صورته التي خلق عليها بعد انحداره إلى محمد (ص) « وهو بالافق الاعلى » أي افق المشرق (١) ، قالوا : إن جبرئيل عليهالسلام كان يأتي النبي (ص) في صورة الآدميين ، فسأله رسول الله (ص) أن يريه نفسه على صورته التي خلق عليها ، فأراه نفسه مرتين : مرة في الارض ، ومرة في السماء أما في الارض ففي الافق الاعلى وذلك أن محمدا (ص) كان بحراء فطلع له جبرئيل عليهالسلام من المشرق فسد الافق إلى المغرب فخر النبي (ص) مغشيا عليه فنزل جبرئيل عليهالسلام في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه ، وهو قوله : « ثم دنا فتدلى » وتقديره ثم تدلى ، أي قرب بعد بعده وعلوه في الافق الاعلى فدنا من محمد (ص) ، قال الحسن و قتادة : ثم دنا جبرئيل بعد استوائه بالافق الاعلى من الارض فنزل إلى محمد (ص) ، وقال الزجاج : معنى دنا وتدلى واحد ، أي قرب فزاد في القرب (٢) ، وقيل : فاستوى ، أي ارتفع وعلا إلى السماء بعد أن علم محمدا وقيل : اعتدل واقفا في الهواء بعد أن كان ينزل بسرعة ليراه النبي (ص) ، وقيل : معناه استوى جبرئيل ومحمد (ص) بالافق الاعلى يعني السماء
__________________
(١) في المصدر : « وهو » كناية عن جبرئيل أيضا « بالافق الاعلى » يعنى افق المشرق ، و لمراد بالاعلى جانب المشرق ، وهو فوق جانب المغرب في صعيد الارض لا في الهواء.
(٢) في المصدر : لان معنى دنا قرب ، وتدلى زاد في القرب.