يشاء ، وما من دار إلا وأنا أتصفحه كل يوم خمس مرات ، وأقول : إذا بكى أهل الميت على ميتهم لا تبكوا عليه فإن لي فيكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كفى بالموت طامة (١) يا جبرئيل فقال جبرئيل : إن ما بعد الموت أطم وأطم من الموت (٢) ،
قال : ثم مضيت فإذا أنا بقوم (٣) بين أيديهم موائد من لحم طيب ولحم خبيث ، يأكلون اللحم الخبيث ، ويدعون الطيب ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال ، وهم من امتك يا محمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثم رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا ، نصف جسده النار (٤) ، والنصف الآخر ثلج ، فلا النار تذيب الثلج ، ولا الثلج يطفئ النار ، وهو ينادي بصوت رفيع و يقول : سبحان الذي كف حر هذه النار فلا تذيب الثلج ، وكف برد هذا الثلج فلا يطفئ حر هذه النار اللهم (٥) يا مؤلف بين الثلج والنار ألف بين قلوب عبادك المؤمنين.
فقلت : من هذا يا جبرئيل؟ فقال : هذا ملك وكله الله بأكناف السماء وأطراف الارضين ، وهو أنصح ملائكة الله لاهل الارض من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ، ورأيت ملكين يناديان (٦) في السماء أحدهما يقول : « اللهم أعط كل منفق خلفا » والآخر يقول : « اللهم أعط كل ممسك تلفا » ثم مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الابل يقرض اللحم من جنوبهم ، ويلقى في أفواههم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الهمازون اللمازون ،
ثم مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤوسهم بالصخر ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟
__________________
(١) الطامة : الداهية تفوق ما سواها.
(٢) في نسخة : وأعظم من الموت.
(٣) لعل المراد أشباههم وأمثالهم.
(٤) في المصدر : من النار.
(٥) المصدر خال عن حرف النداء. وفي طبعة أمين الضرب : يا من ألف.
(٦) في نسخة وفي المصدر : وملكان يناديان.