والمنادى في « ياليتني » محذوف ، أي يا قوم ، وقيل : يا أطلق للتنبيه على الاتساع « فأفوز » نصب على جواب التمني « الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة » أي الذين يبيعونها بها ، والمعنى إن بطئ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة أو الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة وهم المبطؤن ، والمعنى حثهم على ترك ما حكى عنهم « والمستضعفين » عطف على « الله » أي وفي سبيل المستضعفين وهو تخليصهم من الاسر وصونهم عن العدو ، أو على « السبيل » بحذف المضاف ، أي وفي خلاص المستضعفين. ويجوز نصبه على الاختصاص ، فإن سبيل الله تعالى يعم أبواب الخير ، وتخليص ضعفة المسلمين من أيدي الكفار أعظمها وأخصها « من الرجال والنساء والولدان » بيان للمستضعفين وهم المسلمون الذين بقوا بمكة لصد المشركين أو ضعفهم عن الهجرة مستذلين ممتحنين ، وإنما ذكر الولدان مبالغة في الحث ، وتنبيها على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذا هم الصبيان ، وقيل : المراد به العبيد والاماء وهو جمع وليد.(١)
وقال الطبرسي رحمهالله : قيل : يريد بذلك قوما من المسلمين بقوا بمكة ولم يستطيعوا الهجرة ، منهم سلمة بن هشام ، والوليد بن الوليد ، وعياش بن أبي ربيعة وأبوجندل بن سهيل ، وجماعة كانوا يدعون الله أن يخلصهم من أيدي المشركين ويخرجهم من مكة وهم « الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها » أي يقولون في دعائهم : ربنا سهل لنا الخروج من هذه القرية يعني مكة التي ظلم
__________________
(١) يتمنى الحضور لا لنصرتكم وانما يتمنى النفع لنفسه ، وقيل : ان الكلام في موضعه من غير تقديم وتأخير ، ومعناه : ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن هذا المبطئ قول من لا تكون بينه وبين المسلمين مودة ، أى كانه لم يعاقدكم على الايمان ، ولم يظهر لكم مودة على حال يا ليتنى كنت معهم ، أى يتمنى الغنيمة دون شهود الحرب ، وليس هذا من قول المخلصين ، فقد عدوا التخلف في احدى الحالتين نقمة من الله ، تمنوا الخروج معهم في احدى الحالتين لاجل الغنيمة ، وليس ذلك من أمارة المودة إه.
(٢) انوار التنزيل ١ : ٢٨٦ ـ ٢٨٨.