« ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم » أي وليعلموهم القرآن ويخوفوهم به إذا رجعوا إليهم « لعلهم يحذرون » فلا يعملون بخلافه ، وقال الباقر عليهالسلام : كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله أن تنفر منهم طائفة ، وتقيم طائفة للتفقه ، وأن يكون الغزو نوبا.
وثانيها : أن التفقه والانذار يرجعان إلى الفرقة النافرة ، وحثها الله على التفقه لترجع إلى المتخلفة فتحذرها ، معنى « ليتفقهوا في الدين » : ليتبصروا و يتيقنوا بما يريهم الله عز وجل من الظهور على المشركين ونصرة الدين « ولينذروا قومهم » من الكفار « إذا رجعوا إليهم » من الجهاد فيخبرونهم بنصر الله النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين « لعلهم يحذرون » أن يقاتلوا النبي صلىاللهعليهوآله فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار.
وثالثها : أن التفقه راجع إلى النافرة ، والتقدير ما كان لجميع المؤمنين أن ينفروا إلى النبي صلىاللهعليهوآله ويخلوا ديارهم ، ولكن لينفر إليه من كل ناحية طائفة ليسمع كلامه ، ويتعلم الدين منه ، ثم ترجع إلى قومها فيبين لهم ذلك وينذرهم(١) عن الجبائي ، قال : والمراد بالنفر هنا الخروج لطلب العلم « الذين يلونكم » أي من قرب منكم « من الكفار » الاقرب منهم فالاقرب في النسب والدار. قال الحسن : كان هذا قبل الامر بقتال المشركين كافة ، وقال غيره : هذا الحكم قائم الآن ، لانه لا ينبغي لاهل بلد أن يخرجوا إلى قتال الابعد ، ويدعوا الاقرب والادنى ، لان ذلك يؤدي إلى الضرر ، وربما يمنعهم ذلك عن المضي في وجهتهم إلا أن تكون بينهم وين الاقرب موادعة فلا بأس حينئذ بمجاوزة الاقرب إلى الابعد « وليجدوا فيكم غلظة » أي شجاعة أو شدة أو صبرا على الجهاد.(٢)
قوله تعالى : « إن الله يدافع عن الذين آمنوا » قال البيضاوي : أي غائلة
____________________
(١) في المصدر : لتسمع كلامه وتتعلم الدين منه ، ثم ترجع إلى قومها فتبين لهم ذلك وتنذرهم
(٢) مجمع البيان ٥ : ٨٣ و ٨٤.