تدعوا إلى الصلح تذللا ، ويجوز نصبه بإضمار أن « وأنتم الاعلون » الاغلبون « والله معكم » ناصركم « ولن يتركم أعمالكم » ولن يضيع أعمالكم ، من وترت الرجل : إذا قتلت متعلقا له من قريب أو حميم ، فأفردته عنه من الوتر ، شبه به تعطيل ثواب العمل وإفراده منه(١).
وفي قوله تعالى : « هو الذي أنزل السكينة » الثبات والطمأنينة « في قلوب المؤمنين » حتى يثبتوا حيث تقلق النفوس وتدحض الاقدام « ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم » يقينا مع يقينهم برسوخ العقيدة واطمئنان النفس عليها ، أو أنزل فيها السكون إلى ما جاء به الرسول ليزدادوا إيمانا بالشرائع مع إيمانهم بالله وباليوم الآخر « ولله جنود السماوات والارض » يدبر أمرها فيسلط بعضها على بعض تارة ، ويوقع فيما بينهم السلم اخرى كما تقتضيه حكمته « الظانين بالله ظن السوء » الامر السوء وهو أن لا ينصر رسوله والمؤمنين « عليهم دائرة السوء » دائرة ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم.(٢)
وقال الطبرسي : « ولله جنود السماوات والارض » يعني الملائكة والجن و الانس والشياطين ، والمعنى لو شاء لاعانكم بهم. وفيه بيان أنه لو شاء لاهلك المشركين ، لكنه عالم بهم وبما يخرج من أصلابهم ، فأمهلهم لعلمه وحكمته ، ولم يأمر بالقتال عن عجز واحتياج ، لكن ليعرض المجاهدين لجزيل الثواب « قل للمخلفين » الذين تخلفوا عنك في الخروج إلى الحديبية « من الاعراب ستدعون » فيما بعد « إلى قوم أولي بأس شديد » وهم هوازن وحنين ، وقيل : هوازن وثقيف ، و قيل : بنو حنيفة مع مسيلمة ، وقيل : أهل فارس ، وقيل الروم ، وقيل : هم أهل صفين أصحاب معاوية « تقاتلونهم أو يسلمون » معناه إن أحد الامرين لابد أن يقع لا محالة ، و تقديره أو هم يسلمون ، أى يقرون بالاسلام ويقبلونه ، وقيل : ينقادون لكم « فإن
____________________
(١) انوار التنزيل ٢ : ٤٣٧ ـ ٤٤٠.
(٢) أنوار التنزيل ٢ : ٤٤١ و ٤٤٢.