وينبع ، جعلها الله لرسوله صلىاللهعليهوآله يحكم فيها ما أراد ، وأخبر أنها كلها له ، فقال أناس : فهلا قسمها فنزلت الآية ، وقيل : إن الآية الاولى بيان أموال بني النضير خاصة لقوله : « وما أفاء الله على رسوله منهم » والآية الثانية بيان الاموال التي أصيبت بغير قتال ، وقيل : إنهما واحد ، والآية الثانية بيان قسم المال الذي ذكره الله في الآية الاولى ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بني النضير : إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولا يقسم لكم شئ من الغنيمة ، فقال لهم الانصار : بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ، ونؤثرهم بالغنيمة ، ولا نشاركهم فيها ، فنزلت « و يؤثرون على أنفسهم » الآية « منهم » أي من اليهود الذين أجلاهم « فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب » من الوجيف : سرعة السير ، أي لم تسيروا إليها على خيل ولا إبل ، والركاب : الابل التي تحمل القوم « ولكن الله يسلط رسله على من يشاء » أي يمكنهم من عدوهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم ، جعل الله أموال بني النضير لرسوله (ص) خاصة ، يفعل بها ما يشاء ، فقسمها رسول الله صلىاللهعليهوآله بين المهاجرين ، ولم يعط الانصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة ، وهم أبودجانة وسهل بن حنيف والحارث بن صمة « من أهل القرى » أي من أموال كفار أهل القرى « فلله » يأمر فيه بما أحب « وللرسول » بتمليك الله إياه « ولذي القربى » يعني أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وقرابته وهم بنو هاشم « واليتامى والمساكين وابن السبيل » منهم « كيلا يكون دولة بين الاغنياء منكم » الدولة : الشئ الذي يتداوله القوم بينهم ، أي لئلا يكون الفئ متداولا بين الرؤساء منكم ، يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية « وما آتاكم الرسول فخذوه » أي ما أعطاكم من الفئ فارضوا به ، وما أمركم به فافعلوه ، قال الزجاج : ثم بين سبحانه من المساكين الذين لهم الحق؟ فقال : « للفقراء المهاجرين » ثم ثنى سبحانه بوصف الانصار ومدحهم حتى طابت أنفسهم عن الفئ فقال : « والذين تبوؤا الدار والايمان » الآية.(١)
____________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٦٠ ـ ٢٦٢.