لعيركم ، فتهيأوا للخروج ، وما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرج مالا لتجهيز الجيش ، وقالوا : من لم يخرج نهدم داره ، وخرج معهم العباس بن عبدالمطلب ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب وعقيل بن أبي طالب ، وأخرجوا معهم القيان(١) يضربون الدفوف وخرج رسول الله (ص) في ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ، فلما كان بقرب بدر أخذ عينا للقوم فأخبره بهم.
وفي حديث أبي حمزة الثمالي بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عينا له على العير اسمه عدي فلما قدم على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره أين فارق العير نزل جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره بنفير المشركين من مكة ، فاستشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير ، فقام أبوبكر فقال يا رسول الله : إنها قريش وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلت منذ عزت ، ولم نخرج على اهبة الحرب.(٢)
وفي حديث أبي حمزة : قال أبوبكر : أنا عالم بهذا الطريق ، فارق عدي العير بكذا وكذا ، وساروا وسرنا فنحن والقوم على بدر يوم كذا وكذا كأنا فرسا رهان فقال صلىاللهعليهوآله : اجلس فجلس ، ثم قام عمر بن الخطاب فقال مثل ذلك ، فقال : اجلس فجلس ، (٣) ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها ، وقد آمنا بك وصدقنا ، وشهدنا أن ماجئت به حق ، والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك الهراس(٤) لخضناه معك ، والله لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى : « اذهب
____________________
(١) جمع القينة : المغنية أو أعم.
(٢) الاهبة بالضم : العدة ، يقال أخذ للسفر اهبته. وفى المصدر : لم تخرج على هيئة الحرب
(٣) حرف كلام أبى بكر وعمر في السيرة والامتاع ، فابن هشام اختصره وقال : فتكلما وأحسنا ، ولم يذكر ما قالاه والمقريزى ذكره بنحو يوافق كلام المقداد ، ولكن الصحيح ما ذكره الطبرسى ، ويدل عليه ان النبى صلىاللهعليهوآله لم يدع لهما ، بل دعا للمقداد بخير. راجع الامتاع : ٧٤ والسيرة ٢ : ٢٥٣.
(٤) الجمر : النار المتقدة : الغضا : شجر من الاثل خشبه من اصلب الخشب وجه ، يبقى زمنا طويلا لا ينطفئ. والهراس : شجر كبير الشوك.