تسألونه النصر عليهم لقلتكم وكثرتهم ، فلم يكن لكم مفزع إلا التضرع إليه ، و الدعاء له في كشف الضر عنكم « فاستجاب لكم أني ممد كم » أي مرسل إليكم مددا لكم « بألف من الملائكة مردفين » أي متعبين ألفا آخر من الملائكة ، لان مع كل واحد منهم ردف له(١) ، وقيل : معناه مترادفين متتابعين ، وكانوا ألفا بعضهم في أثر بعض ، وقيل : بألف من الملائكة جاؤوا على آثار المسلمين(٢) « وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم » أي ما جعل الامداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر ، و لتسكن(٣) به قلوبكم ، وتزول الوسوسة عنها ، وإلا فملك واحد كاف للتدمير عليهم كما فعل جبرئيل بقوم لوط فأهلكهم بريشة واحدة ، واختلف في أن الملائكة هل قاتلت يوم بدر أم لا؟ فقيل : ما قاتلت ولكن شجعت وكثرت سواد المسلمين و بشرت بالنصر ، وقيل : إنها قاتلت ، قال مجاهد : إنما أمدهم بألف مقاتل من الملائكة ، فأما ما قاله في آل عمران بثلاثة آلاف وبخمسة آلاف فإنه للبشارة ، و روي عن ابن مسعود أنه سأله أبوجهل من أين كان يأتينا الضرب ، ولا نرى الشخص قال : من قبل الملائكة ، فقال : هم غلبونا لا أنتم ، وعن ابن عباس أن الملائكة فاتلت يوم بدر وقتلت « وما النصر إلا من عند الله » لا بالملائكة ولا بكثرة العدد « إن الله عزيز » لا يمنع عن مراده « حكيم » في أفعاله « إذ يغشيكم النعاس » هو أول النوم قبل أن يثقل « أمنة » أي أمانا « منه » أي من العدو ، وقيل : من الله فإن الانسان لا يأخذه النوم في حال الخوف ، فآمنهم الله تعالى بزوال الرعب عن قلوبهم ، وأيضا فإنه قواهم بالاستراحة على القتال من الغد(٤) « وينزل عليكم من السماء ماء » أي مطرا « ليطهركم به » وذلك لان المسلمين قد سبقهم الكفار إلى الماء ، فنزاوا على كثيب رمل ، وأصبحوا محدثين مجنبين ، وأصابهم الظمأ ووسوس
____________________
(١) هكذا في الكتاب ، والصحيح كما في المصدر : ردفا
(٢) في المصدر : على اثر المسلمين.
(٣) في نسخة : لتطمئن به.
(٤) في المصدر : من العدو.