نص عليه بالامامة من بعده نصا جليا ، وذلك فيما تظاهرت به الرواية(١) أن أهل النفاق لما علموا باستخلاف رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا على المدينة حسدوه لذلك ، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروجه ، وعلموا أنها تتحرس به(٢) ولايكون فيها للعدو مطمع ، فساءهم ذلك ، وكانوا يؤثرون خروجه معه لما يرجونه من وقوع الفساد و الاختلاط عند نأي رسول الله(٣) (ص) عن المدينة ، وخلوها من مرهوب مخوف يحرسها وغبطوه عليهالسلام على الرفاهية والدعة بمقامة في أهله ، وتكلف من خرج منهم المشاق بالسفر والخطر ، فأرجعوا(٤) به عليهالسلام وقالوا : لم يستخلفه رسول الله صلىاللهعليهوآله إكراما له ، وإجلالا ومودة. وإنما خلفه استثقالا له ، فبهتوا بهذا الارجاف كبهت قريش للنبي صلىاللهعليهوآله بالجنة تارة ، وبالشعر أخرى ، وبالسحر مرة ، و بالكهانة أخرى ، وهم يعلمون ضد ذلك ونقيضه ، كما علم المنافقون ضد ما أرجفوا به على أمير المؤمنين عليهالسلام وخلافه ، وأن النبي (ص) كان أخص الناس بأميرالمؤمنين عليهالسلام ، وكان هو أحب الناس إليه وأسعدهم عنده ، وأفضلهم لديه(٥) فلما بلغ اميرالمؤمنين عليهالسلام إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وإظهار فضيحتم ، فلحق بالنبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله إن المنافقين يزعمون أنك خلفتني(٦) استثقالا ومقتا فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : « ارجع يا أخي إلى مكانك ، فإن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ، فأنت خليفتي في أهل بيتي(٧) ودار هجرتي وقومي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي؟ » فتضمن هذا القول من رسول الله صلىاللهعليهوآله نصه عليه بالامامة ، وإبانته من الكافة بالخلافة ، ودل به على فضل لم يشركه فيه أحد سواه ، وأوجب له به جميع منازل هارون من موسى إلا خصه العرف من
____________________
(١) تظاهرت به الرواة خ ل. (٢) تتحرس به تتحصن خ ل.
(٣) النبى خ ل.
(٤) ارجف : خاض في الاخبار السيئة قصدان يهيج الناس.
(٥) في المصدر : واسعدهم عنده ، وافضلهم لديه.
(٦) انما خلفتنى خ ل. (٧) في اهلى خ ل.