كما أخذت الامم من قبلكم ذراعا بذراع ، وشبرا بشبر ، وباعا بباع ، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه.
قال : (١) قال أبوهريرة : وإن شئتم فاقرؤا القرآن « كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم » قال أبوهريرة : والخلاق الدين « فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم »(٢) حتى فرغ من الاية.
قالوا : يا نبى الله فما صنعت اليهود والنصارى؟ قال : وما الناس إلا هم(٣).
بيان : تفسير الخلاق بالدين غريب ، والمشهور في اللغة والتفسير أنه بمعنى النصيب ، ولعل المعنى أنهم جعلوا ما أصابهم من الدين وسيلة لتحصيل اللذات الفانية الدنيوية.
قال الطبرسى رحمهالله تعالى : « فاستمتعوا بخلاقهم » أي بنصيبهم وحظهم من الدنيا أي صرفوها في شهواتهم المحرمة عليهم ، وفيمانها هم الله عنه ، ثم أهلكوا « وخضتم » أي دخلتم في الباطل(٤).
وقال : وردت الرواية عن ابن عباس أنه قال في هذه الاية : ما أشبه الليلة بالبارحة ، كالذين من قبلكم هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم ، لا أعلم إلا أنه قال : والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه(٥).
____________________
(١) يعنى سعيدا الراوى عن أبى هريرة ، وقد أخرج ابن أبى حاتم وأبوالشيخ عن أبى هريرة أنه قال : الخلاق الدين ، راجع الدر المنثور ج ٣ ص ٢٥٥.
(٢) براءة : ٦٩.
(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
(٤) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٨.
(٥) وهكذا أخرج الحديث ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبوالشيخ عن ابن عباس بلفظه ، راجع در السيوطى ج ٣ ص ٢٥٥.