يده قارورة فيها دم يلتقطه فسأله ، فقال : دم الحسين وأصحابه ، لم أزل أتتبّعه منذ اليوم.
قال : فنظروا فوجدوه قد قتل في ذلك اليوم.
وأمّا صحاحنا فانّها متواترة في بكائه صلىاللهعليهوآله ، على سبطه وريحانته في مقامات عديدة ، يوم ولادته وقبلها ، ويوم السابع من مولده ، وبعده في بيت الزهراء ، وفي حجرته ، وعلى منبره ، وفي بعض أسفاره ، تارة يبكيه وحده ، ومرّة هو والملائكة ، وأحياناً هو وعلي وفاطمة ، وربّما بكاه هو وبعض أصحابه ، وربمّا قبّله في نحره وبكى ، وربّما قبّله في شفتيه فبكى ، وربّما بكى إذا رآه فرحاً أو رآه حزناً.
ولله در السيد الرضي حيث يقول :
لو رسـول الله يحـيـا بعـده |
|
قـعـد اليـوم عليـه للـعـزا |
جزروا جرز الأضـاحي نسله |
|
ثـم سـاقـوا أهلـه سَوق الإما |
ليـس هـذا لرسـول الله يـا |
|
امّـة الطغيان والبـغـي جـزا |
يا رسـول الله لو أبصرتهـم (١) |
|
وهـم ما بيـن قتـلـى وسِـبا |
مِن رميض يُمنـع الظلّ ومِن |
|
عاطـش يسقـى أنابيـب القنـا |
ومسوق عاثـر يُسـعـى به |
|
خلـف محمول على غيـر وطا |
لرأت عيناك منهم منـظـراً |
|
للحـشـى شجـواً وللعيـن قذا |
لا أرى حـزنكـم يُنسى ولا |
|
رزءكـم يُسلى وإن طال المدى (٢) |
__________________
١ ـ كذا في الأصل ، وفي ديوان الرضي : عاينتهم.
٢ ـ هذه الأبيات من قصيدة رائعة للشريف الرضي ألقاها وهو بالحائر الحسيني وهي بعنوان « كربلا كرب وبلا ». انظر : ديوان الرضي ١ : ٤٤ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٣٨٦.