اخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه ، فأُخرج وهو مكتوف فجعل يقول : وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم ، يا مذحجاه يا مذحجاه ، وأين مذحج؟
فلما رأى أن أحداً لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف وهو يقول : أما من عصا أو سكين أو حجر يحاجز بها رجل عن نفسه؟
فوثبوا إليه فشدّوه وثاقاً ثم قيل له : مد عنقك.
فقال : ما أنا بها سخي ، وما أنا بمعينكم على نفسي.
فضربه مولى لابن مرجانة ـ تركي ـ بالسيف فلم يصنع شيئاً ، فقال هاني : إلى الله المعاد ، اللهم إلى رحمتك ورضوانك ثمّ ضربه اُخرى فقتله شهيداً محتسباً.
وفي مسلم وهاني يقول عبد الله بن زبير الأسدي (١) :
فإن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري |
|
إلى هانيء في السوق وابن عقيل |
إلى بطـل قـد هشّـم السيف وجهه |
|
وآخر يهوى من طمـار (٢) قتيل |
أصابهما أمر اللعيـن فـأصبـحـا |
|
أحاديث من يسري بكـلّ سبـيل |
ترى جسداً قد غيّـر المـوت لونه |
|
ونضـح دم قـد سال كلّ مسيل |
فتىً كان أحيـى مـن فتـاة حَيِيّة |
|
وأقطع من ذي شفرتـين صقيل (٣) |
__________________
١ ـ زبير ـ بفتح الزاي المعجمة كحبيب ـ ، وعبد الله بن زبير الأسدي بن الأعشى ، واسمه قيس بن بجرة بن قيس بن منقذ بن طريف بن عمرو بن قعين الأسدي ، من بني أسد بن خزيمة ، وكان يتشيع. انظر أدب الطف ١ : ١٤٣.
٢ ـ في بعض المصادر : جدار.
٣ ـ ويقال انّ هذه القصيدة للفرزدق ، وقال بعضهم إنّها لسليمان الحنفي. انظر : تاريخ الطبري ٣ : ٣٢ ، مقتل الخوارزمي ١ : ٢١٤ ، أدب الطف ١ : ١٤٣.