ـ قال ابن عائشة : وهذه صفة رجل شديد الساعدين نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى فوق كذلك تخبر العرب في وصفها إذا اخبرت عن الرجل : أنّه كسر وجبر ـ كأنّما على رؤوسهم الطير ، وعن ميسرتهم شاب حسن الوجه قلت : من هؤلاء؟
قيل : هذا علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وهذان الحسن والحسين عن يمينه وشماله ، وهذا محمد بن الحنفية بين يديه معه الراية العظمى ، وهذا الذي خلفه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وهؤلاء ولد عقيل وغيرهم من فتيان بني هاشم ، وهؤلاء المشايخ أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فساروا حتى نزلوا الموضع المعروف بالزاوية ، فصلّى أربع ركعات ، وعفّر خدّيه على التربة وقد خالط ذلك دموعه ثم رفع يديه يدعو : اللهم رب السماوات وما أظلّت ، والأرضين وما أقلّت ، وربّ العرش العظيم.
هذه البصرة اسألك خيرها ، وأعوذ بك من شرّها. اللهم انزلنا فيها خير منزل وأنت خير المنزلين.
اللهم هؤلاء القوم قد خلعوا طاعتي وبغوا عليَّ ، ونكثوا بيعتي. اللهم احقن دماء المسلمين.
وبعث إليهم من يناشدهم الله في الدماء ، وقال : على مَ تقاتلونني؟
فأبوا إلا الحرب.
فبعث رجلاً من أصحابه يقال له : مسلم ، معه مصحف يدعو إلى الله فرموه بسهم فقتلوه فحمل إلى علي ، وقالت اُمّه :
يا ربّ إنّ مسلمـاً أتاهم |
|
يتلو كتاب الله لا يخشاهم |
فخضبوا من دمه لحاهم |
|
واُمّه قـائمـة تـراهـم |